
كتب – محمود مصطفى أبوطالب:
أشار الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في معهد الإمام البخاري بطشقند، إلى أن الإمام البخاري يمثل نموذجًا علميًا فريدًا يجمع بين الغيرة الصادقة على الدين والدقة الكبيرة في نقل المعلومات والفهم العميق لمعاني الوحي، حيث أكد أن أبرز ما يميز شخصية هذا الإمام الجليل هو موقفه من السنة النبوية المطهرة التي لم يتعامل معها كمجرد مرويات سردية بل اعتبرها مصدرًا أساسيًا لا ينفصل عن القرآن الكريم، يوضح معانيه ويهديه ويكشف عن حكمته ومقاصده.
وأوضح المفتي أن الإمام البخاري لم يكتفِ بجمع الحديث الشريف في كتابه الجامع بل قدم مشروعًا علميًا متكاملاً تجلت فيه عبقرية التصنيف ودقة التبويب واستيعاب المعاني الفقهية والروحية والإنسانية، مشيرًا إلى أن “صحيح البخاري” ليس مجرد كتاب للرواية بل هو بناء حضاري متماسك يظهر توازن العقل والنقل وأصول الفهم الرشيد وسعة الأفق في التعامل مع الحديث النبوي الشريف، لافتًا إلى أن أحد أبرز جوانب شخصية الإمام البخاري هو موقفه المنضبط من العقل الذي لم يكن لديه خصمًا للوحي بل شريكًا في فهمه وأداة لفهم مراميه دون تعالٍ عليه أو تحميله رؤى لا يحتملها، بل استخدم أدواته النقدية والمنهجية لخدمة الحديث الشريف وليس لمعارضته أو التشكيك فيه، مؤكدًا أن هذا النهج يعد ضرورة ملحة في زمننا الحالي حيث تتكرر محاولات افتعال التعارض بين العقل والنقل بينما تؤكد سيرة البخاري أنه إذا تحرر العقل من الهوى وحُمل النقل على فهم سليم فإنهما يجتمعان لخدمة الحق وليس للتنازع عليه.
وأشار إلى أن الإمام البخاري ـرضي الله عنه- كان يؤمن بأهمية الهوية الدينية والثقافية مدركًا أن حفظ السنة النبوية هو جوهر حفظ الهوية وصون الذات الحضارية للأمة ولهذا جاءت تبويباته دقيقة ومحكمة تكشف عن وعي بالواقع وإدراك لحاجات الناس واستيعاب لمختلف مجالات الحياة موضحًا أن دفاعه عن السنة وحرصه على أسانيدها وصرامته في شروط روايتها يعكس غيرةً على الدين وعزيمةً في حفظه وتفانيًا في خدمته مضيفًا أن محاولات التشكيك في السنة أو تهميش الصحيح أو اجتزاء المرويات هي مساعٍ لهدم الهوية وضرب الثوابت وطمس المعالم التي قامت بها حضارتنا وأن الأمة اليوم أحوج ما تكون للتمسك بمنهج هذا الإمام الجليل وإعادة الاعتبار لهذا النموذج العلمي الكبير الذي لا يزال يلهم الباحثين ويوجه العقول ويضيء للمسلمين طريقهم في زمن التحديات منبهًا بأن القول بوجود تعارض بين العقل والنقل هو وهم ناتج عن إسقاط العقل في غير مجاله أو تحميل النصوص ما لا تحتمله بينما نرى في سيرة الإمام البخاري تطبيقاً عملياً لهذا التوازن فالعقل قائد والدين مدد وباجتماعهما يجتمع نوران نور الوحي الإلهي ونور العقل الذي هو منة من الله عز وجل.
كما عبر عن امتنانه العميق لهذه البلدة العريقة التي أنجبت الإمام البخاري كاشفاً أن زيارته لهذا الموطن الطيب لم تكن مجرد زيارة عابرة بل كانت انفعالاً وجدانيًّا عميقاً واستجابة طبيعية لما يكنّه القلب من حب وتقدير لهذا الإمام الجليل إذ اجتمعت الأسباب وتلاقت المشاعر لتدفعنا نحو الحضور إلى موطن أحد أعظم أعلام الإسلام وهو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله الرجل الذي رفع الله ذكره بصفاء منهجه ودقة نقله وأمانته في خدمة السنة النبوية المطهرة مختتمًا بأن هذه الأرض وإن كانت تزهو باسم البخاري إلا أن إشعاعها الحضاري لا يختزل بشخص واحد مهما علا بل يمتد ليشمل مجموعة من أعلام الحضارة الإسلامية الذين أضاءوا مجالات العلم والفكر والفن عبر قرون طويلة.
وفي ختام زيارته لمعهد الإمام البخاري بطشقند توجه المفتي لزيارة ضريح الإمام القفال الشاشي أحد أعلام الفقه والحديث الذي ترك أثرًا عميقًا في تاريخ الأمة الإسلامية معربا عن فخره واعتزازه بزيارة هذا المعلم الكبير مؤكدًا أنها تمثل تكريم لشخصيات علمية أسهمت بشكل كبير في بناء صرح العلم الشرعي بالعالم الإسلامي.
- اليوم، جمعية الصحفيين تعقد انتخابات لاختيار نقيب وستة أعضاء للمجلس
- تحذيرات وزارة الصحة بشأن السجائر الإلكترونية الغنية بالنيكوتين
- برلماني يؤكد أن انخفاض البطالة يعكس نجاح الدولة في إنشاء اقتصاد يعتمد على الإنتاج
- وزير الزراعة والثروة الحيوانية في مدغشقر يقوم بنشاط مكثف خلال زيارته لمصر
- كيفية التعامل مع "الرمد الربيعي" عند الأطفال