عُقد اجتماع للجنة الطاقة برئاسة المهندس محمد أيمن كمال الدين قرة، حيث تم دعوة الدكتور حافظ سلماوي، أستاذ هندسة الطاقة والرئيس التنفيذي الأسبق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء، لمناقشة الوضع الحالي لمصادر الطاقة في مصر والبنية التحتية للقطاع. كما تم استعراض الاستراتيجية اللازمة لتشجيع الاستثمار في مجالات ومصادر الطاقة المختلفة بهدف تحقيق أمن الطاقة.
حضر الاجتماع الدكتورة منى العدوي نائب رئيس اللجنة وعدد من رؤساء اللجان التخصصية وأعضاء الجمعية المهتمين بقطاع الطاقة والبيئة. وقد تناولت المناقشات سبل تعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة وكيفية مواجهة الآثار السلبية لاستخدامات الطاقة الأحفورية على المناخ والبيئة، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية والتصديرية لمصر.
وفي نفس السياق، تم استعراض الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر كمركز إقليمي للطاقة وقوتها الشاملة في هذا المجال. وأكد “قرة” على أهمية الإسراع في تغيير منظومة الدعم والتحول إلى الدعم النقدي لضمان وصول الدعم لمستحقيه ولتوفير الطاقة للأغراض الصناعية والإنتاجية، مشيراً إلى أن النظام الحالي يعد عائقًا أمام تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في محطات الطاقة.
كما أوضح أن مصر تمتلك موارد متنوعة من الطاقة وأنها غنية بمصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً الشمسية والرياح، مما يتيح زيادة مساهمة هذه المصادر في مزيج الطاقة وتصديرها سواء ككهرباء أو هيدروجين أخضر أو منتجات خضراء. ولفت إلى أن الدولة اتجهت بقوة نحو تحقيق أمن الطاقة عبر تطوير استراتيجية للهيدروجين الأخضر ومشروع قانون للطاقة الجديدة والمتجددة.
يُشار إلى أن مصر تستهدف بحلول عام 2040 رفع نسبة مساهمة مصادر الطاقات المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى 65.7% والطاقة النووية إلى 8% بينما ستظل النسبة المتبقية من الوقود الأحفوري. كما تهدف لزيادة نسبة استخدام الطاقات المتجددة من 3% حالياً إلى 34%. ويعتبر هذا التحرك إيجابياً نحو التحول الطاقي المطلوب.
وأشار الدكتور حافظ سلماوي إلى الموقع الاستراتيجي الفريد لمصر وبنيتها الحديثة للطاقة التي تؤهلها لتكون مركزاً وسوقاً إقليمياً للطاقة بمنطقة شرق المتوسط. وهذا سيساهم بشكل كبير في تأمين إمدادات الطاقة وتحقيق عوائد اقتصادية عبر تعظيم الاستفادة من البنية الأساسية وتجارة الطاقة.
حول دور مصادر الطاقة الأحفورية، ذكر أن مصر تحتل المرتبة الخامسة والعشرين عالمياً والسابعة إفريقيا باحتياطات النفط المؤكدة التي تقدر بنحو 4.4 مليار برميل وفق آخر البيانات لعام 2016، بينما تشير الإحصائيات لعام 2022 إلى انخفاض الاحتياطات الحالية لنحو 3.3 مليار برميل ما يعادل حوالي 15 عاماً من مستوى الإنتاج. ويشكل النفط حالياً حوالي 63% من إجمالي مزيج الطاقة المستخدم بشكل رئيسي في قطاعات النقل والصناعات البتروكيماوية.
أما بالنسبة لاحتياطيات الغاز الطبيعي فتقدر بنحو 77.2 تريليون قدم مكعب مما يجعل مصر تحتل المرتبة السادسة عشر بين الدول الغنية بالغاز، بينما تشير مصادر أخرى للاحتياطي الحالي بأنه يبلغ نحو 63 تريليون قدم مكعب غاز أي ما يعادل حوالي 1787 مليار متر مكعب ويغطي حوالي 25.6 عاماً من مستوى الإنتاج حتى عام 2022. ويعد الغاز أكبر مصدر لتلبية احتياجات البلاد نظراً للتوسع الكبير في استكشاف حقول الغاز بالصحراء الغربية والمناطق البحرية بالبحر المتوسط حيث بلغت نسبة الغاز الطبيعي حوالي 58% من إجمالي ميزان الطاقة لعام 2022.
في سياق متصل، فإن احتياطي الفحم المصري يقدر بنحو 200.62 مليون طن وهو يمثل نسبة هامشية جداً مقارنة بالاحتياطيات العالمية حيث يستخدم أساساً في صناعات الأسمنت فقط.
كما تم تناول السياسات الرامية لدعم التحول الطاقي والتي تستهدف الاعتماد على الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة مع التركيز على قطاع النقل كأحد أهم القطاعات المستهدفة لتعزيز كفاءة استخدام الموارد وتعزيز التحول نحو الهيدروجين الأخضر كوسيلة لنقل وتخزين وإنتاج الوقود الأخضر بدلاً عن المصادر التقليدية.
وذكر أنه يوجد لدى مصر محطات لإنتاج الكهرباء الكهرومائية مثل السد العالي وخزان أسوان وغيرها بإجمالي قدرة إنتاج تصل لـ15450 جيجا وات ساعة خلال عام 2023 ما يعادل حوالي 7.1% من إجمالي إنتاج الكهرباء خلال نفس العام.
أيضاً تتوقع استراتيجية طاقة عام 2040 أن تشكل الكهرباء المنتجة من مصادر شمسية نحو16.2% من إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول ذلك العام عبر تخصيص مساحات مناسبة للإنتاج تشمل أكثر من4% من مساحة البلاد لمحطات الرياح بإجمالي مساحة تصل لـ42 ألف كيلو متر مربع مما يكفي لتلبية الطلب المحلي والتصدير وكذلك مشاريع الهيدروجين الأخضر حتى عام2040.
كما يتوقع أن تسهم طاقة الرياح بنسبة45.8% تقريباً بحلول عام2040 مع توفير المواقع للمستثمرين لإجراء قياسات الموارد ووضع خطط توصيل المرافق بما يتناسب مع تطور المشاريع ودراسات الربط مع شبكة الكهرباء وزيادة سعتها لاستيعاب الإنتاج الكهربائي الجديد.
وفي مجال إنتاج الكهرباء الحيوية قدرت وزارة البيئة القدرة المركبة الناتجة عن المخلفات البلدية بنحو320 ميجا وات بينما قدرت استراتيجية طاقة2035 إمكانية الاستفادة منها بـ2.5 مليون طن سنوياً مما يدل على الأهمية البيئية لهذه المشاريع أكثر منها إنتاج طاقي بحت.
وأخيرًا، يُنتظر أن تصل القدرة البديلة لمحطة الضبعة النووية المتوقع تشغيلها قريبًا لـ36 مليار كيلو وات ساعة سنوياً مما يعادل12.5% بحلول2030 لتصبح بذلك ثالث دولة في المنطقة تعتمد على هذه النوعية ضمن مزيج الإمداد بالكهرباء بعد الإمارات وتركيا.
في مجال الهيدروجين الأخضر تم إقرار الاستراتيجية الوطنية لهذا القطاع منذ فبراير2024 بالإضافة لإنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر بهدف توحيد الجهود الحكومية لتحفيز الاستثمار فيه وذلك بالتوازي مع إصدار قانون خاص لحوافز الاستثمار بهذا المجال وتوقيع الحكومة28 اتفاقية نوايا لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء والوقود الأخضر مما يشير لخطوات جادة نحو مستقبل مستدام للطاقة بمصر.
ختامًا، سنوافيكم بكل جديد حال صدور أي تفاصيل إضافية حول التطورات المستقبلية المتعلقة بالطاقة واستراتيجياتها بمصر.