خبير سياسي يكشف كيف تستغل أوروبا ملف اللاجئين السوريين لتحقيق مصالحها

خبير سياسي يكشف كيف تستغل أوروبا ملف اللاجئين السوريين لتحقيق مصالحها

أكد الخبير السياسي عبدالله الأحمد، المتخصص في الشأن السوري، أن اللاجئين السوريين أصبحوا ضحية للتجاذبات السياسية والتغيرات الدولية التي شهدتها الحرب السورية على مدى 13 عامًا من الصراع.

وأوضح “الأحمد” في تصريحات له عبر فضائية الحدث اليوم، أن النظام السابق استغل ملف اللاجئين كوسيلة يائسة لدفع المجتمع الدولي لإعادة تعويمه، بينما استخدمت الدول المستقبلة للاجئين هذا الملف لطلب المساعدات الدولية والمساومة لتحقيق أهداف سياسية أخرى. كما أشار إلى أن ملف اللاجئين قد تحول إلى مادة دسمة لبعض الأحزاب اليمينية واليسارية في أوروبا والغرب، وخاصة في ألمانيا التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في القارة الأوروبية، حيث تم استخدامه في المعارك الانتخابية والاستحقاقات السياسية الداخلية والخارجية.

وفي نفس السياق، أفاد المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا ستيفان شنيك بأن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بدأ منذ 13 يناير الماضي بتقديم دعم مالي لتحفيز اللاجئين السوريين على العودة الطوعية إلى بلادهم. وكتب عبر منصة إكس: “يمكن للسوريين الحصول على تذاكر طيران ومساعدات مالية لتأسيس مشاريعهم الخاصة”

وأضاف الخبير السياسي أن برنامج الهجرة وإعادة الاندماج يهدف إلى تقديم الدعم المالي واللوجيستي للسوريين الراغبين في العودة الطوعية أو الانتقال إلى دولة ثالثة. ومع ذلك، يبقى عدد العائدين محدودًا مقارنة بأعداد اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا، الذين يتجاوز عددهم 868 ألفًا، معظمهم وصل بين عامي 2015 و2016 هرباً من الحرب.

وأشار الأحمد إلى أن برنامج الدعم المالي للعودة الطوعية الذي أعلنته الحكومة الألمانية بدأ بإجراءات سحب الإقامة من مئات السوريين الذين زاروا بلدهم خلال الفترة بين نوفمبر 2024 ومارس 2025. حيث فتحت السلطات الألمانية ملفات أكثر من 2000 لاجئ بينهم مئات السوريين تمهيدًا لسحب إقاماتهم بعد ثبوت قيامهم بزيارات إلى بلدانهم خلال الأشهر الماضية.

وأكد الأحمد أنه رغم وجود بعض الاستثناءات وفقًا للقواعد المعمول بها في ألمانيا إذا سافر اللاجئ لأسباب إنسانية مثل مرض خطير لأحد أفراد الأسرة أو وفاته مع ضرورة تبليغ السلطات بذلك. يأتي ذلك بعد إعلان الحكومة الألمانية عن خطة جديدة تسمح للاجئين السوريين بزيارة وطنهم دون فقدان وضع الحماية الذي يتمتعون به هناك.

وأوضح المتحدث باسم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين للصحافة الألمانية أنهم يبدأون بفتح ملف المراجعة بمجرد علمهم بسفر اللاجئ إلى بلده الأصلي. وبشكل عام يمكن مراجعة وسحب الحماية لأسباب متعددة مثل تحسن الأوضاع الأمنية في بلد المنشأ أو ارتكاب اللاجئ جرائم خطيرة.

واستطرد الأحمد قائلاً إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها وزارة الداخلية الألمانية تعتبر تعسفية وخطيرة بحق اللاجئين وتعكس رغبة سياسية لدى الحكومة بالتخلص منهم بغض النظر عن النتائج السلبية المحتملة عليهم وعلى حياتهم بسبب هذه الإجراءات. وأشار إلى وجود مؤشرات عديدة تدل على رغبة أوروبية عامة بترحيل اللاجئين السوريين.

وأكد الخبير السياسي أن الإجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا تجاه اللاجئين السوريين والتعديلات الجارية على قوانين الهجرة تتزامن مع النشاط السياسي والدبلوماسي للتواصل مع الإدارة السورية الجديدة مما يشير بشكل واضح إلى توجه أوروبي شامل للتخلص من هؤلاء اللاجئين.

وبحسب الأحمد فإن الدول الأوروبية لا تهتم بالنظام الحاكم في دمشق ولا تسعى لإقامة علاقات سياسية جدية معه أو الاعتراف به وإنما ترغب فقط باستغلال التغيرات السياسية لحل ملف اللاجئين وفق مصالحها الخاصة. حيث إن دعوة وزير الخارجية السوري لقمة المانحين في مارس الماضي لا تعني بأي حال اعتراف دولي بحكومة دمشق بل هي دعوة ظاهرها إنساني وتخفي وراءها خطة سياسية أوروبية ممنهجة.

وتابع قائلاً إن الدعم الأوروبي ليس هدفه دعم حكومة دمشق أو إعادة إعمار البلاد بل يسعى فقط لإعادة اللاجئين بأسرع وقت تحت ذريعة عودة الاستقرار وتحريك عجلة الاقتصاد دون الاكتراث بمسار العملية السياسية ومن يحكم دمشق وقدرته على ضبط الأمن فيها. فالأوروبيون غير راضين تمامًا عن بقاء حكام دمشق الحاليين بالسلطة.

ووفقًا للخبير السياسي فإن المؤشرات الدالة على عدم الرضا الأوروبي تجاه حكام دمشق كثيرة وأبرزها الإعلان عن رفع جزئي تدريجي للعقوبات وليس رفعاً كلياً كما تحتاج إليه دمشق بالإضافة لعدم فتح دول الاتحاد الأوروبي لسفاراتها مجددًا وإعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية وعدم إزالة هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب ضمن تصنيفات الاتحاد الأوروبي وواشنطن والأمم المتحدة.

وأوضح أيضًا أن الاتحاد الأوروبي يدعم قوات سوريا الديمقراطية ويعترف بها رغم خلافاتها مع حكومة دمشق وداعميها الأتراك مضيفًا أنه من المتوقع حدوث تغييرات دراماتيكية لاحقاً بعد إعادة اللاجئين إذ سيزداد الضغط والعقوبات الأوروبية على حكومة دمشق وقد تتحول الدعوات الأوروبية لهم من الاجتماعات والمؤتمرات إلى محكمة لاهاي خاصة بعد الأحداث الأخيرة والانتهاكات السابقة والتي يمكن استخدامها ضد الحكام الحاليين هناك.

قد يهمك أيضاً :-
قد يعجبك أيضا :-