علي جمعة يجيب على سؤال مهم: هل ينبغي على المسلمين غير العرب تعلم اللغة العربية؟

كتبت – داليا الظنيني:

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي مصر السابق، أن اللغة العربية ليست فرضًا شرعيًا على المسلمين غير الناطقين بها، مشيرًا إلى أن الإسلام والعروبة لا يتطابقان، حيث تعتبر العربية لغة القرآن والسنة ولا يمكن التعبد بهما إلا من خلالها.

وفي حديثه خلال بودكاست “مع نور الدين” المذاع على قناة الناس، أوضح جمعة أن هناك أمرين يجب مراعاتهما؛ الأول هو الحكم الشرعي والثاني هو الواقع التاريخي، حيث أكد أن الحكم الشرعي يُظهر أن العربية ليست فرضًا على كل مسلم، لأن ذلك قد يُعيق انتشار الإسلام خاصة مع اختلاف قدرات الناس في تعلم اللغات.

واستشهد جمعة بتجارب شخصية من حياته، حيث التقى بأشخاص قضوا عقودًا طويلة في دول أجنبية دون القدرة على التحدث بلغتها، مؤكدًا أن فرض تعلم العربية على الجميع يتعارض مع الشريعة الإسلامية لأن “التكليف بما لا يُطاق مرفوض شرعًا”.

وأضاف أنه في العهد العثماني أفتى شيخ الإسلام أبو السعود بعدم جواز فرض اللغة العربية على الشعوب المختلفة لأنها تخالف قواعد الشريعة، مُشيرًا إلى موقف الإمام مالك الذي رفض فرض كتابه “الموطأ” احترامًا لتنوع الاجتهادات بين المسلمين.

كما أشار إلى عبد الملك بن مروان الذي كان أول من نشر العربية في مصر عن طريق حيلة إدارية تقضي بعدم توظيف سوى المتحدثين بالعربية، مما دفع الناس لتعلمها بدافع الحاجة. ومع ذلك ذكر المقريزي في كتابه “الخطط” أن بعض القرى في صعيد مصر استمرت تتحدث بالقبطية حتى القرن التاسع الهجري.

وأكد الدكتور جمعة أنه تاريخيًا لم يُجبر المسلمون غير العرب على تغيير لغاتهم الأصلية بل إن شعوباً مسلمة لا تزال تحتفظ بلغاتها مثل أهل النوبة في مصر الذين لم يُمنعوا من ممارسة شعائرهم الإسلامية بلغاتهم المحلية.

وشدد على أهمية اللغة العربية كضرورة لفهم النصوص الشرعية بشكل صحيح وللاستنباط والاجتهاد والتعبد السليم، مؤكدًا أنه لا يمكن لأحد حفظ القرآن أو التعبد به إلا باللغة العربية وهذا يعد من معجزاته.

وتابع قائلًا إنه يجب التفريق بين الحكم الشرعي الذي لا يفرض تعلم اللغة العربية والواقع الذي يُثبت أهميتها الكبيرة لفهم الدين وضرورتها لتعزيز تماسك الأمة الإسلامية ووحدتها الحضارية.