مصر تواجه تحديات الصراع الإقليمي مع استراتيجية “نصر بلا حرب”

تسجل مصر في السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في علاقاتها الدولية، حيث تعتمد على مبادئ الاستدامة الاستراتيجية والتوازن الجيوسياسي. وتطبق القاهرة نموذجاً للدبلوماسية الوقائية، الذي يحقق توازنًا بين التوافق والشراكة من جهة والانزلاق العسكري من جهة أخرى، معتمدةً على آلية ردع فعالة تحدّ من أي تهديدات مسلحة.
وفي خطوة تعكس هذا التوازن، شاركت وحدات مختارة من القوات المسلحة المصرية في العرض العسكري الاحتفالي بمناسبة الذكرى الثمانين لنصر روسيا بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي. هذه المشاركة تؤكد قدرة مصر على تعزيز التفاعلات الدولية بأساليب مدروسة دون الانغماس في محاور أحادية.
في الآونة الأخيرة، لعبت القاهرة دور الوسيط المحايد لدعم جهود وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان تحت رعاية أميركية. فقد استثمرت مصر علاقاتها المتوازنة مع نيودلهي وإسلام أباد لتأكيد أهمية خفض التوتر والامتناع عن التصعيد، مشجعة الأطراف على اعتماد حوار استراتيجي يقوم على تفكيك الألغام الدبلوماسية واستخدام مصفوفات الحوكمة المشتركة.
يتداخل في المشهد الإقليمي عدد من التحولات المهمة؛ حيث تتجه الاتفاقات الإبراهيمية الجديدة نحو دمج إسرائيل بشكل أكبر في محيطها، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تخفيف العبء الاستراتيجي عنها عبر تحميله دولًا إقليمية. كما توجد خطط لتشكيل جبهة أمنية مشتركة تضم إسرائيل ودول عربية أخرى، مما قد يؤدي إلى تجدد التوتر في غرب البحر الأحمر إذا غابت القاهرة عن هذه المعادلات.
تعبر مصر عن رؤية شمولية تجاه الجيوسياسية الإقليمية في الشرق الأوسط ترتكز على إدارة ملفات حساسة مثل فلسطين والسودان وليبيا والقرن الإفريقي والبحر الأحمر. وقد صممت القاهرة منظومة دبلوماسية متوازنة تستند إلى التنسيق مع الفاعلين المحليين والدوليين لضمان استقرار طويل الأمد.
تعتبر “المبادرة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه” مثالاً حيًا للدبلوماسية الوقائية والتخطيط التنموي المستدام. فقد قدمت مصر حلاً يعتمد على منهج هندسة إعادة الإعمار المدني مستفيدةً من قدراتها اللوجستية لضمان مشاركة السكان المحليين.
واجهت القاهرة المحاولات الإقليمية والأميركية لفرض النقل القسري عبر تفعيل شبكات التواصل الجماهيري ودعم المراكز البحثية لنشر الدراسات المضادة، مستخدمةً منهجيات تحليل التدفقات السكانية ونماذج محاكاة تأثير التهجير على الأمن الغذائي والبُنى التحتية الحيوية.
لتعزيز موقفها، اعتمدت القاهرة 11 محورًا دبلوماسيًا وعسكريًا تشمل استدعاء الدعم الشعبي المصري وصياغة البدائل الإنشائية وتفعيل التضامن العربي والإسلامي وبناء تحالف دولي يشمل روسيا والصين وفرنسا والدول الأوروبية الرافضة للتدخل الأميركي الأحادي. كما حرصت على ضبط علاقاتها مع واشنطن بما يحفظ مصالحها والحفاظ على توازن عسكري يستند إلى برنامج تسليح متطور منذ عام 2014 بالإضافة إلى اقتصاد قوي يقيّد قدرة الولايات المتحدة على تهديد المساعدات.
في هذا السياق، لم تكن مصر مهتمة بصراع تسلح مطلق بل اعتمدت حسابات دقيقة لتعزيز الردع واستخدام “سلاح المساعدات” و”التحالفات الاستراتيجية” لتحقيق أهدافها دون اندلاع حرب شاملة. واستندت القاهرة إلى بنية عسكرية حديثة تراعي مقومات الأمن القومي وتوازن القوى في المتوسط مع قدرات رصد متقدمة تشمل طائرات الإنذار المبكر وأنظمة المراقبة.
تشير توجهات الإدارة الأميركية المقبلة إلى طموحات إمبراطورية قديمة؛ إذ يسعى دونالد ترامب لضم كندا وغرينلاند للولايات المتحدة، مما يعكس رغبة واشنطن في تأمين مواردها ونفوذها. وعلى الصعيد الثقافي تواجه المنطقة هجمات تستهدف هويتها وقيمها التقليدية مما يتطلب وعيًا إقليميًا يوازن بين الانفتاح والثوابت الثقافية.
على المستوى العسكري، واصلت مصر تعزيز قدراتها وفق برنامج تسليح متوازن يستند إلى مبادئ كتاب “فن الحرب” للصيني صن تزو مع توظيف منهجيات البحث والتطوير المحلي لتصنيع أسلحة عالية التكامل التقني. وقد قامت القوات المسلحة بنشر منظومات مراقبة واستطلاع فضائية بالإضافة إلى طائرات إنذار مبكر ذات أنظمة رادارية قادرة على رصد الأهداف من مسافات بعيدة تصل لمئات الكيلومترات.
D diplomatically, نجحت القاهرة أيضًا في تشكيل تحالفات استراتيجية مع قوى كبرى مثل روسيا والصين وفرنسا وإسبانيا بناءً على قواعد القانون الدولي وعقد الأمن الجماعي وتعزيز آليات التشاور والتنسيق ضمن منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية.
من خلال هذه الاستراتيجيات المدروسة علميًا وميدانيًا تؤكد مصر أنها تمثل ركيزة للتوازن الإقليمي والعالمي وأن أمن الشرق الأوسط يبدأ بتطبيق مبادئ الاستدامة الاستراتيجية والدبلوماسية الوقائية باستخدام أدوات تحليل المخاطر الجيوسياسية والاستراتيجيات القائمة على البيانات بعيداً عن الصراعات العسكرية التقليدية.
ختاماً يرسم المشهد الحالي معادلة مركبة تُعيد تعريف مفهوم الحرب في القرن الحادي والعشرين كمزيج من الدبلوماسية والسياسة والتطويق الاستراتيجي والحروب النفسية والثقافية. وفي هذه المعادلة تبقى مصر طرفاً فاعلاً لا تابعاً تسعى لتحقيق مصالحها وضمان استقرارها مستندةً إلى قوة شاملة تتجاوز مجرد الردع العسكري نحو رؤية سياسية واقتصادية شاملة.
سنوافيكم بكل جديد حال صدور أي تفاصيل إضافية.
- أدباء فلسطينيون يثمنون الدعم التاريخي لمصر في مساعدة غزة وإحباط مخططات التهجير
- اكتشف صحفًا ومواقع لا تحتاج إلى إخطار المجلس الأعلى للإعلام
- قانون العمل يضمن حقوق العامل في فترات راحة لا تقل عن ساعة
- التحالف الوطني ينظم امتحان محو الأمية بالتعاون مع "تعليم الكبار" ويعرض صورًا للحدث
- برلماني يؤكد على دور مصر وروسيا كركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط