وادي العريش.. شريان تاريخي يمر في قلب سيناء

وادي العريش.. شريان تاريخي يمر في قلب سيناء

يُعتبر وادي العريش أحد أبرز المعالم الجغرافية والتاريخية في شبه جزيرة سيناء وخصوصًا مدينة العريش، حيث يعبرها من منتصفها تاركًا أثره الجاف ومجراه. يمتد الوادي كشريانٍ طبيعي جاف يربط الجنوب بالشمال، ويحمل في طياته روايات عن الطبيعة القاسية والخصبة في آنٍ واحد. يبلغ طول الوادي حوالي 300 كيلومتر، وتبلغ مساحته نحو ثلث مساحة سيناء، وينتهي مصبه في البحر الأبيض المتوسط عند مدينة العريش.

ووفقًا لدراسة موسعة أعدّها الباحث المتخصص في تاريخ سيناء محمود الشوربجي، فإن وادي العريش ينشأ من مرتفعات جبال العجمة، مخترقًا أرض التيه وجبالها، متتبعًا الانحدار الطبيعي للأرض نحو الشمال الشرقي. يُعتبر الوادي من أطول أودية سيناء وقد شهد عبر تاريخه جريان سيول عنيفة، أبرزها في عام 2010، حيث تسبب السيل في خسائر جسيمة، ما دفع الحكومة إلى إنشاء أربعة جسور حماية قرب مصبه، كما أُنشئ سد الروافعة في القرن الماضي للاستفادة من مياهه.

يحمل الوادي إرثًا تاريخيًا راسخًا، إذ يروي الشيوخ أن مصبه في القرن الثامن عشر كان يمتد من واحة أبو صقل شرقًا حتى كرم أبو نجيلة غربًا، وذكر البعض أن له فرعًا قديمًا كان يصب عند حي آل ذكرى. وعلى جانبيه، تنتشر المزارع التي يستخدم سكانها مياه السيول شتاءً والآبار صيفًا لري الأشجار، لا سيما الزيتون.

يتفرع من وادي العريش عدد كبير من الأودية الثانوية، منها “وادي المغارة” و”وادي جنيف” اللذان يلتقيان قرب جبل ظليل، ويتفرع عنهما أودية مثل: وادي أبو متيّقنة، وادي البربري، وادي البياض، وادي مجمر، ووادي لقين الذي يُعد من أبرز الروافد وله فرعان يُعرفان بـ”وادي السقي” و”تلّ الملح”.

ومن الروافد المهمة كذلك “وادي أبو عُليجانة”، الذي ينشأ من نقب الهَيَّالة، ويُعرف بغناه بالأعشاب الطبية، يليه وادي أبو طريفية، ووادي غُريقدات الذي يُشكّل حدًا طبيعيًا لمدينة نِخِل، ووادي الرواق المعروف أيضًا باسم وادي العجمة، وهو من أغزر الروافد مائيًا، وتُشير الدراسات إلى وجود بئر مياه قديمة به تُعرف بـ”ثمادة البروك”.

كما تضم الشبكة الرافدة لوادي العريش وديانًا مثل: وادي العقابة، وادي قُرَيّة، وادي الشريف، سيل الحضيرة، وادي الجرور، وادي المنبطح، وادي الأبيض، وكلها تتغذى من مرتفعات جبال الحلال والعجمة وغيرها. وقد أعدّت مديرية الري في شمال سيناء مقترحًا في 2012 لبناء سدود على هذه الأودية، أبرزها في وادي البروك بسعة 30 مليون متر مكعب، للاستفادة منها في الزراعة.

يمثل وادي العريش شاهدًا حيًا على العلاقة المتشابكة بين الإنسان والطبيعة في سيناء، ويظل محطّ اهتمام الباحثين والمخططين لما يحمله من إمكانات زراعية وتاريخية وتنموية. تبرز أهمية الوادي أيضًا كوجهة سياحية، حيث يعكس تنوعه البيئي وتاريخه الغني، مما يجعله مكانًا مثاليًا للزيارة والاستكشاف من قبل السياح والباحثين على حد سواء.

قد يعجبك أيضا :-