
أُقيم القداس الإلهي المشترك لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط صباح اليوم الأحد في الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس في العباسية بالقاهرة.
صلَّى القداس، وهو قداس الأحد من الأسبوع الرابع من الخمسين المقدسة، أصحاب القداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية ومار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير بلبنان.
وجرت الصلوات بألحان الفرح بمناسبة عيد القيامة وسط أجواء احتفالية إكليروسية وشعبية تمثلت في مشاركة كبرى من الآباء مطارنة وأساقفة الكنائس الثلاث وأعداد كبيرة من الآباء الكهنة والشمامسة بينما امتلأت جنبات الكاتدرائية بالشعب.
وكان موكب الآباء البطاركة قد تحرك في التاسعة من صباح اليوم من المقر البابوي بالكاتدرائية متجهًا نحو الكنيسة الكبرى يتقدمه الآباء المطارنة والأساقفة حيث التقطت صورة تذكارية للآباء المطارنة والأساقفة يتوسطهم الآباء البطاركة الثلاثة ثم تحرك الموكب يتقدمه خورس الشمامسة وهم يرتلون ألحان القيامة.
واستقبل الشعب البطاركة الثلاثة لدى دخولهم إلى الكنيسة بمشاعر الفرح والتوقير لا سيما أن هذا المشهد يحدث للمرة الأولى أن يصلي بطاركة الكنائس الثلاثة معًا في الكاتدرائية المرقسية.
وشهدت الصلوات مشاركة متنوعة من مطارنة وأساقفة الكنائس وكذلك في قراءات القداس ودورة القيامة بينما قرأ الآباء البطاركة إنجيل القداس باللغات العربية والسريانية والأرمنية.
وألقى قداسة البابا عظة القداس ورحَّبَ في بدايتها بصاحبَي القداسة والآباء المطارنة والأساقفة والكهنة قائلاً: “هذا يوم مفرح ومجيد في تاريخ كنائسنا الأرثوذكسية وسط أفراح القيامة نرحب بكل قلوبنا بالآباء أصحاب القداسة والآباء المطارنة والأساقفة وباسم المطارنة والأساقفة والكهنة والشعب والرهبان والراهبات أرحب بكم في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وفي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية”
وأضاف البابا: “في هذا اليوم التاريخي الذي نصليه لأول مرة في الكاتدرائية المرقسية يجب أن يُسجَل في تاريخ الكنيسة حيث نجتمع معًا البطاركة والأساقفة على غرار مجمع نيقية فهذا اليوم هو امتداد لما حدث منذ ١٧٠٠ سنة وكأننا في الكنيسة نختصر الزمن”
وقال البابا عن مجمع نيقية: “اجتمع وقتها البطاركة والأساقفة من كل كنائس العالم ليناقشوا بدعة ظهرت في الإسكندرية وكادت تشق الكنيسة لكن الآباء بقلب واحد وفكر واحد اجتمعوا في نيقية وظهر بينهم القديس أثناسيوس الرسولي الذي كان شماسًا ورسمه البابا ألكسندروس كاهنًا وكان مدافعًا قويًّا عن الإيمان”
واستكمل البابا تواضروس: “ما حدث منذ ١٧٠٠ عام هاهو حيٌّ في كنيستنا واليوم نجتمع بالمحبة الكاملة هنا ونصلي معًا ونرفع قلوبنا أمام الله في وحدة إيمانية قوية نصلي أن تدوم إلى المنتهى”
وأضاف البابا: “بمناسبة مجمع نيقية المسكوني الذي عقد عام ٣٢٥ ميلادية عقدنا بالأمس جلسة رمزية الآباء البطاركة والمطرانة والأساقفة من الكنائس الثلاث تَلَوْنا فيها قانون الإيمان ثم استمعنا لقوانين مجمع نيقية العشرين وطرحت بعض المقترحات التي تزيد محبتنا بشكل أكبر”
وتناول قداسة البابا ثلاثة دروس نتعلمها من مجمع نيقية هي
المجمعية: أي أن نجلس معًا ونتناقش فيما يشغلنا وما أروع أن يكون النقاش على أرضية المحبة فكما صنع الآباء في نيقية وكما عاشوا طوال حياتهم يجب أن نفعل نحن أيضًا هذا وهذا التقليد استمر في كنائسنا بأن تجتمع المجامع المقدسة وتتناقش وتتحاور وتقدم فكرًا وعملاً في أمور الخدمة والرعاية والتدبير
ونوه البابا بأن الله لا يطلب منا سوى المحبة فالله يرى أفكارنا وأعمالنا ومشاعرنا ولكن أمام الله العلي كل أمورنا مكشوفة والله لن يبحث في حياتنا سوى عن المحبة فما حَصَّلتَه من محبة على الأرض سوف يفتح لك باب السماء وإن لم تُحَصِّل فموقفك أمام الله سيكون صعبًا.
التلمذة: حاول البابا ألكسندروس أن يضم الجميع إلى فكر واحد وإيمان واحد وتعبير واحد لكن آريوس ومن شايعه انحرفوا عن إجماع الكنيسة وعقد المجمع وأخذ البابا ألكسندروس معه شماسًا وهو أثناسيوس الذي كان إنسانًا تقيًّا وفصيحًا ودارسًّا وعارفًّا بما في الكتب وصار أثناسيوس نجمًا وسط آباء المجمع الذين شاركوا بوضع قانون الإيمان وهنا نتوقف أمام هذه الصورة فالبابا ألكسندروس رأى فيه النضوج وجعله يأخذه ويتلمذه وحينما ذهب إلى المجمع استطاع مواجهة الفكر المنحرف
وضع الإيمان في صورة قانون: ميزة القانون أنه يحدد ويوضح دون لبس وقانون الإيمان يقدم صيغاً محددة للإيمان وإيماننا بالصليب والقيامة الذي عاشته الكنيسة منذ أيام السيد المسيح تمت صياغته بصورة قانون له ألفاظ محددة والكنيسة التي تردده تصبح كنيسة مسيحية
وأوضح: “كل مسيحيي العالم لديهم الكتاب المقدس ويَتلُوْن قانون الإيمان ولهم رجاء الملكوت ويوجهون أنظارهم نحو شخص المسيح”
وألقى قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني كلمة استهلها بتحية القيامة باللغات السريانية واليونانية والعربية ثم قال إن السماء اليوم تفرح أكثر من فرحنا على الأرض وأضاف قداسته أن الآباء الرسل المؤسسين لكنائسنا الثلاث القديسين مرقس (كنيسة الإسكندرية) وتداوس (كنيسة أرمينيا) وبطرس (كنيسة أنطاكية) جميعهم يفرحون بوحدتنا وحدة الإيمان الذي بذلوا حياتهم لأجله وكذلك الآباء البطاركة السابقون الذين خدموا كنائسنا الثلاث يفرحون بخلفائهم الذين يشتركون اليوم برفع الذبيحة الإلهية وممارسة الوحدة الكاملة بين كنائسنا التي تتنوع بالتقاليد والألحان ولكن تتحد بالكامل بالإيمان.
وقال قداسة مار إغناطيوس أيضًا إن آباء مجمع نيقية يفرحون بنا اليوم لأننا نحتفل بذكرى المجمع معًا عبر القداس الإلهي واحتفال الترانيم والتسابيح واللقاء المشترك الذي جمعناه والذي عقدناه فيه مجمع مشترك وهي أول مرة (بعد المجامع المسكونية الثلاثة) التي تجتمع فيها كنائس مختلفة بالتقاليد مع اتحاد الإيمان على مستوى مجامع الكنائس.
وأضاف إغناطيوس أن احتفالنا هذا سيُسَجَّل في صفحات التاريخ فستأتي أجيال بعدنا وتقول إنه في الذكرى ١٧٠٠ لانعقاد مجمع نيقية اجتمع الآباء رؤساء كنائسونا واحتفلوا بمجمع مشترك وقداس مشترك.
واختتم البطريرك الأنطاكي كلمته بصلاة إلى الله ليقوينا أكثر فأكثر للحفاظ على الإيمان الأقدس الذي تسلمناه بلا شائبة ودعوة أبناء كنائسونا في كل مكان إلى الشد من أزر بعضهم البعض والحفاظ على الإيمان الواحد والعيش به والشهادة بكلمة البشارة التي يحتاج إليها العالم الآن بشدة.
وقدَّم قداسته الشكر لقداسة البابا تواضروس الثاني والآباء المطارنة والأساقفة وأبناء الكنيسة القبطية وكل من له تعب لترتيب الاحتفال وهذا اللقاء وكل لقاء لخدمة كنائسينا الأرثوذكسية الشرقية وإيمانانا المقدس الواحد.
اختتمت الكلمات بكلمة قداسة الكاثوليكوس آرام الأول الذي قال: “هذه لحظة مهمة لكنائسينا ففي هذه الكنيسة نشهد شهادة حقيقة للوحدة المسيحية الوحدانية ليست شيئاً إنسانياً وإنما هي عطية الله وعلى الرغم من الشدائد التي مرت بها كنائنَا عبر العصور فإنها ظلت حافظة للإيمان والوحدة”
وأضاف آرام الأول: “الكنيسة ليست فقط مبنى أو جماعة إنما هي رسالة لنا من الله وأنتم الشعب كنيسة حقيقية بمشاركتكم بالقداسات وبالشهادة الحقيقية للمسيح”
وأوضح آرام الأول: “بالأمس واليوم تأكدت حقيقة أن كنائنَا ستظل أمينة للمسيح رغم كل التحديات التي تواجهها هذه الأيام ستظل الكنيسة الحامية للإيمان”
وأعرب آرام الأول عن تقديره ومحبته لقداسة البابا تواضروس قائلاً: “في هذه اللحظات المقدسة أود التعبير عن امتناني لقداسة البابا لمحبته وكرم ضيافته وأيضاً لقداسة البطريرك مار أفرام الذي يعبر عن المحبة الأخوية” مختتمًا: “نؤكد أننا سنواصل محبتانا ولن تستمر فقط بل ستتعمق أكثر فأكثر”
وتوجه الآباء البطاركة عقب القداس وبرفقتهم مطارنة وأساقفة الكنائس الثلاث إلى مزاري القديس مار مرقس الرسول والقديس البابا أثناسيوس الرسولي بالكاتدرائية حيث صلوا وتباركوا من الكاروز مار مرقس والبابا أثناسيوس بطل مجمع نيقيا وسط ترتيل ألحان التماجيد.
- الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بذكرى مرور 1700 عام على مجمع نيقية مع عرض للصور
- لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط بمركز لوجوس بوادي النطرون