
فى إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء برصد وتحليل التجارب الدولية في المجالات ذات الصلة بالشأن المصرى أو التي تدخل في نطاق اهتماماته، ألقى المركز الضوء على التجربة اليابانية في دمج الابتكار في قطاع الصناعة حيث تشير كلمة الابتكار في اللغة اليابانية إلى معنى أعمق من المعنى اللغوي في القواميس والمعاجم اللغوية، فهي تعني إعادة التجديد التكنولوجي وإعادة التنظيم الإداري، ولديهم الابتكار يعني استخدام التكنولوجيا وطرق التفكير المتقدمة في إنتاج مواد ومنتجات جديدة لخلق قيمة مضافة وإحداث تأثير ملموس في المجتمع.
أشار التقرير إلى أن اليابانيون عرفوا أهمية الابتكار في حياتهم وضرورة البحث عن سبل مبتكرة “خارج الصندوق” وفق تعبيرهم لتحقيق حياة أفضل، فمنذ عام 2007 تم إطلاق خطة عرفت باسم innovation 25 مؤكدة دور البحث والتطوير في تحقيق الرخاء وتطلعات الشعب الياباني.
أوضح التقرير أنه نتيجة للمشكلات المجتمعية التي تعانيها اليابان والمتمثلة أساسًا في ارتفاع معدلات الشيخوخة وتراجع معدلات النمو السكاني فقد استهدفت تسخير الذكاء الاصطناعي للتغلب على أهم مشكلاتها وقد انتبهت بشكل مبكر إلى ذلك وحققت بالفعل نموًا كبيرًا في المجال ومن المتوقع أن يصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي في اليابان إلى 27.12 مليار دولار بحلول عام 2032 مقارنة بنحو 3.89 مليارات دولار في 2022 بمعدل نمو مركب قدره 21.43% خلال الفترة من 2022 إلى 2032.
أشار التقرير إلى أنه وفقًا لمؤشر الابتكار العالمي الذي يصدر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية لعام 2024 احتلت اليابان فيه المركز 13 من بين 133 دولة مسجلة 54.1 نقطة، وجدير بالذكر أن اليابان بذلك قد حافظت على موقعها بين دول العالم في المؤشر منذ عام 2021.
أشار التقرير أيضًا إلى تميز اليابان في المؤشرات الفرعية الخاصة بالأعمال الإبداعية حيث تحتل المركز السادس بين دول العالم والذي يقيس مدى المعرفة التي تتمتع بها العمالة وربط بيئة الأعمال بأحدث الابتكارات والقدرة على امتصاص واستيعاب المعرفة التكنولوجية وهو ما ينعكس على مخرجات أكثر ابتكارًا.
أوضح التقرير أن نتائج التقرير تتماشى مع ما هو معروف عن اليابانيين من قدرة على الابتكار والدقة، فهم لديهم ما يعرف بثقافة الابتكار وتشير الدراسات إلى أن التنمية الصناعية في اليابان خاصةً في القطاع التكنولوجي قد كانت نتيجة لتميز اليابانيين في الحرف اليدوية التراثية التي برعوا فيها وأسهمت بدور كبير في تميزهم بإنتاج المنتجات الدقيقة والمعقدة التي تعد الأساس للصناعات فائقة التكنولوجيا.
وهو ما جعل اليابان “خاصة طوكيو ويوكوهاما” تحتلان المركز الأول ضمن أهم 15 تجمعًا عالميًا للعلوم والتكنولوجيا لعام 2024 وفق بيانات مؤشر الابتكار العالمي حيث تعد تجمعات العلوم والتكنولوجيا أحد أهم العناصر المكونة للمؤشر وتجدر الإشارة إلى أنه يتم تحديد تلك التجمعات وفق عدد من المعايير هي نشاط تسجيل براءات الاختراع ونشر المقالات العلمية وتوثيق المناطق الجغرافية التي تضم أعدادًا من المخترعين والمبدعين لعدد 100 تجمع.
أوضح التقرير أنه انطلاقًا من التعريف الذي تتبناه اليابان لمفهوم الابتكار فقد قامت بإطلاق استراتيجية متكاملة للابتكار عام 2022 ترتكز على أهمية دمج الابتكار في المجتمع مستهدفة وصول المجتمع إلى مرحلة جديدة من النمو تتجاوز مرحلة الثورة الصناعية الرابعة وذلك لمحاولة التغلب على المشكلات التي تواجه الدولة والتي تتمثل أساسًا في مشكلة انتشار الشيخوخة وكذا تباطؤ معدل النمو السكاني مقدمة نموذجًا يمكن أن يفيد العالم وفق استراتيجيتها التي ترتكز على ثلاثة محاور أساسية هي:
- المحور الأول: دعم البحث العلمي وتنمية قدرات الموارد البشرية وصولاً إلى قيادة المجتمع عبر التعليم بالتركيز على العلوم والرياضيات STEM وتُعلي من أهمية الدراسات العلمية البينية التي تربط بين العديد من الفروع العلمية خاصة الهندسة والرياضيات والتكنولوجيا
- المحور الثاني: الترويج الاستراتيجي للتكنولوجيا المتقدمة والناشئة خاصة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكمية/ الكمومية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاستراتيجية تستهدف الوصول لزيادة أعداد مستخدمي التكنولوجيا الكمية/ الكمومية لنحو عشرة ملايين مستخدم بحلول عام 2030 وزيادة حجم الإنتاج لنحو خمسين تريليون ين بالإضافة للتوسع بإنشاء الشركات الناشئة لتعزيز دمج الابتكار بالصناعة والتعليم وغيرها عبر تشجيع استخدام هذه التقنيات المتقدمة
- المحور الثالث: يقوم على جني ثمار المحورين الأول والثاني وتأثيرهما المستقبلي عبر زيادة المبادرات المجتمعية لدمج التكنولوجيا وزيادة الشركات العاملة بالمجالات التكنولوجية المختلفة مع منح حوافز ضريبية للشركات ذات وحدات البحث والتطوير
وأشار التقرير أيضًا إلى أن الاستراتيجية قد أسهمت بشكل كبير بدفع جهود البحث والتطوير بحيث أصبحت بمثابة خطة للحكومة وتم زيادة قيمة مخصصات العلوم والتكنولوجيا بالموازنة العامة لتحتل المركز السادس عالميًا بالنسبة لإنفاقها على البحث والتطوير كنسبة من إجمالي الناتج المحلي وفق بيانات مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024.
أوضح التقرير أن تنفيذ الاستراتيجية اعتمد بشكل كبير على مساندة الشركات الناشئة حيث أطلقت الحكومة برنامج دعم خاص لهذه الشركات الصغيرة تحت إشراف مجلس الوزراء لتعزيز جهود البحث والتطوير لديها.
Aضاف التقرير أنه وفق التجربة اليابانية فالعبرة ليست فقط بالإنفاق الحكومي العام ولكن بمدى تشجيع كبرى الشركات الصناعية للاستثمار بمجالات البحث لدى الشركات الناشئة مما يعزز فعالية الإنفاق ويضمن نتائج إيجابية أكبر.
كما هناك العديد من المبادرات الموجهة مباشرة للشركات الناشئة والتي تهدف لتقديم دعم كبير لها لنقل التكنولوجيا بالتعاون بين القطاع الخاص والعام مثل برنامج “J-Startup”، بالإضافة لالتزام الحكومة بمنح حوافز ضريبية للشركات الناشئة ذات وحدات البحث والتطوير بهدف تشجيع جهود نشر الممارسات الابتكارية وتحقيق الريادة التكنولوجية بما يتماشى مع أهداف الاستراتيجية “المجتمع خمسة”.
وأشار التقرير كذلك للجهود المبذولة لنقل الممارسات التكنولوجية المتقدمة للدول النامية والأقل دخلًا سواء كان ذلك ثنائي أو مؤسسي وعبر المؤسسات الدولية مثل:
- – منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو): تقوم بترويج التقنيات الجديدة صديقة البيئة لدعم التنمية المستدامة حول العالم كما كونت منصة تجمع الشركات اليابانية لنقل التكنولوجيا الخاصة بها للدول النامية تحت عنوان Sustainable Technology Promotion Platform (STePP)
- – صندوق Japan Industrial Property Global: يقدم دعماً مهماً لتحسين معرفة الدول النامية بممارسات الملكية الفكرية بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية وقد تم إنشاء الصندوق عام2019 بقيمة خطة سنوية تبلغ نحو ثمانية ملايين فرانك سويسري لاستهداف إنشاء منظومة ملكية فكرية داخل الدول النامية ودعم نشر الابتكار عبر حماية الملكية الفكرية
- – الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا): تقدم الدعم الفني للأفراد والشركات وتتبنى برامج التعاون العلمي والتكنولوجي حيث أعلنت عن تبنيها اثني عشر مشروع تعاون علمي وتقني لعام2024 بالتعاون مع الوكالات المعنية
Aضاف التقرير أنه يمكن ملاحظة أن تجربة اليابان بدأت كجهود محلية لمواجهة المشكلات الداخلية وخدمتها ثقافة ابتكار قوية ونبذ ثقافة الفشل وانتهت بتأكيد دورها كمصدر لنقل التكنولوجيا وتمكين الدول الأقل دخلاً وهي نموذج فريد لدعم ثقافة الابتكار ومساعدة الآخرين عبر نقل التكنولوجيا.
ومن أهم الدروس المستفادة من هذه التجربة:
- – ضرورة قيام الدول بوصف مشكلاتها بشكل جيد للوصول لحلول مناسبة ورسم سياسات استباقية تحقق أفضل النتائج والممارسات.
- – الإنفاق على البحث والابتكار مهم لدعم القطاعات الصناعية المختلفة مع أهمية تفصيل برامج لدعم المنتجين وتشجيعهم على الابتكار عبر التعاون بين القطاعين العام والخاص.
- – دور الشركات الصغيرة والناشئة كناقل رئيسي للتقنيات الحديثة وبالتالي تطوير المنتجات يجب أن يكون مدعومًا برعاية الشركات الكبرى.
- مدبولي يؤكد أن كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية بالعراق ستكون تاريخية
- مدبولي يؤكد أن البنك الأوروبي توقع نمو اقتصاد مصر بنسبة تتجاوز 4.2% في العام المقبل
- رئيس الوزراء يؤكد قدرة موارد العملة الأجنبية على تلبية احتياجات مصر بالكامل
- رئيس الوزراء يؤكد على جهود الدولة في تحسين كفاءة استخدام الأراضي المتاحة
- رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للقطاع الخاص في تصنيع الألبان للأطفال