
في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل في لبنان، تواصل أزمة رفع الحد الأدنى للأجور إثارة الجدل والتوتر بين الحكومة والاتحاد العمالي العام، بعد إعلان وزير العمل محمد حيدر الاتفاق مع الهيئات الاقتصادية على رفعه إلى 28 مليون ليرة لبنانية، وهو رقم رفضه الاتحاد واعتبره “غير عادل” وغير كافٍ لتأمين الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم في ظل التضخم والانهيار المستمر للعملة الوطنية.
اتفاق حكومي اقتصادي من دون موافقة الاتحاد
خلال اجتماع لجنة المؤشر الأخير، توصّل وزير العمل محمد حيدر إلى اتفاق مع الهيئات الاقتصادية على رقم 28 مليون ليرة كحد أدنى جديد للأجور، وتم إصدار مرسوم رسمي أُرسل إلى مجلس شورى الدولة للمراجعة. إلا أن الاتحاد العمالي العام، برئاسة الدكتور بشارة الأسمر، أعلن رفضه القاطع لهذا الرقم، معتبراً أنه تم دون التشاور الحقيقي مع ممثلي العمال، ويغفل تأثير الشطور وغلاء المعيشة على أصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة.
الأسمر: “العدالة مفقودة.. وسنلجأ للطعن”
في تصريحات خاصة لـ”لبنان 24″، قال الأسمر إن الاتحاد سيُقدم طعنًا رسميًا بالمرسوم أمام مجلس شورى الدولة فور إحالته إلى مجلس الوزراء، مؤكدًا أن الرقم المقترح لا يُحقق العدالة الاجتماعية ولا يُوازي الأعباء المعيشية المتزايدة على فئات واسعة من الموظفين والعمال.
وأضاف: “نحن نرفض أن يُختزل الملف في رقم دون احتساب باقي مكوّنات الأجر، كالشطور وبدلات النقل والضمانات الاجتماعية، وهو ما يُفاقم الفجوة بين أصحاب الدخل المحدود وكبار الموظفين”.
الحكومة تدور في حلقة مفرغة.. والمفاوضات عالقة
حتى الآن، يُراوح الملف مكانه، في ظل تعثّر المسار التشريعي للمرسوم وعدم وجود توافق وطني شامل. ويبدو أن الهوة لا تزال واسعة بين ما تراه الحكومة ممكنًا اقتصاديًا، وما يُطالب به الاتحاد العمالي كحق مكتسب لحماية الأمن الاجتماعي في البلاد.
وبحسب الأسمر، هناك اتصالات جارية مع وزير العمل ومع الهيئات الاقتصادية لمحاولة استئناف المفاوضات مجددًا، لكن دون نتائج ملموسة حتى الساعة، مما يُنذر باستمرار حالة الجمود وتهديد الاستقرار الاجتماعي.
بين الحقوق والقدرة.. أين الاتجاه؟
تشير المعطيات إلى أن الحكومة تواجه تحديًا دقيقًا: من جهة، تحاول إرضاء أصحاب العمل والقطاع الخاص المنهك، ومن جهة أخرى، تُدرك حجم الغضب الشعبي والاجتماعي المتراكم لدى شريحة واسعة من المواطنين الذين لم تعد أجورهم تكفي لتأمين الحد الأدنى من الكرامة.
أما الاتحاد العمالي، فيُلوّح بخطوات تصعيدية قد تشمل الإضراب أو التحركات الميدانية في حال تجاهلت الحكومة مطالبه وأصرت على تمرير المرسوم بصيغته الحالية.
لبنان اليوم
لبنان اليوم أمام مفترق طرق: إما السير نحو تسوية عادلة تحفظ كرامة العامل اللبناني، أو الاستمرار في دوامة الأجور المجمدة والتآكل المستمر للقدرة الشرائية، ما قد يُفجّر أزمة اجتماعية جديدة تُضاف إلى سلسلة الأزمات المتلاحقة التي تُثقل كاهل الدولة المنهارة.
- 14 مليون ليرة .. رسمياً صرف منحة مالية شهرية للمتقاعدين العسكريين في لبنان وهذه تفاصيل القرار
- وزير الخارجية: مصر ستستمر في تقديم جميع أشكال الدعم للبنان