
سخّرت السعودية كل مقدراتها لخدمة الإسلام والمسلمين، حيث وضعت التنظيمات اللازمة لإنجاح الحج، وراعت الأعداد الهائلة التي تتوافد إلى المشاعر المقدسة من شتى بقاع الأرض لأداء الفريضة في مساحات محددة، ما استلزم سن القوانين والضوابط التي تضمن سلامة وأمن الحجاج، ومن أبرز هذه الضوابط هو تصريح الحج.
لم يكن شعار «لا حج بلا تصريح» مجرد لافتة بل كان له دور عظيم في إنجاح المواسم السابقة والقضاء على الكثير من التصرفات والتحايل الذي يعمد إليه البعض في محاولة للقفز على الأنظمة ومخالفة الأوامر التي تشترط التصريح، ورغم ذلك يصرّ البعض على مخالفة التعليمات بمحاولة التسلل إلى المشاعر المقدسة.
إن شعار «لا حج بلا تصريح» الذي أطلقته وزارة الداخلية لم يأتِ من فراغ، بل نابع من حاجة ملحة لتنظيم حركة الحجاج وتفادي الزحام الذي قد يؤدي إلى حوادث أو اختناقات بشرية، فالتصريح لا يُعد مجرد ورقة رسمية بل وسيلة لضمان أن كل حاج لديه سكن وخدمة صحية وإعاشة ومتابعة أمنية تضمن له أداء مناسكه بأمان وسكينة.
تشهد العاصمة المقدسة استنفاراً واسعاً على مختلف المستويات استعداداً لاستقبال الحجاج وسط خطط أمنية وخدمية متكاملة لضمان سلامتهم وانسيابية الحركة والتنقل داخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة عبر ستة مداخل رئيسة تعمل بكامل جاهزيتها التقنية على مدار الساعة، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى منع دخول المخالفين وتطبيق الإجراءات التنظيمية بكل دقة.
تهدف الاستعدادات المكثفة والعمل الجاد والإجراءات المشدّدة إلى تنظيم دخول الحجاج وضمان سلامة الموسم، وتؤكد التعليمات أنه لن يُسمح لأي شخص بدخول مكة دون تأشيرة حج رسمية صادرة عبر القنوات المعتمدة. طبقاً للبيانات تغلق جميع المنافذ المؤدية إلى مكة بشكل كامل أمام المخالفين ولا استثناءات على الإطلاق فيما يتعلق بعبور الأفراد غير الحاصلين على تأشيرات رسمية تسمح بالدخول سواء من داخل المملكة أو خارجها.
أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط قوات أمن الحج بمداخل مدينة مكة المكرمة 124 مخالفاً؛ منهم (62) وافداً و(62) مواطناً لمخالفتهم أنظمة وتعليمات الحج بنقلهم (400) مخالف لا يحملون تصاريح أداء الحج. وأصدرت الوزارة بحق الناقلين والمساهمين والمنقولين قرارات إدارية عبر اللجان الإدارية الموسمية تضمنت عقوبات بالسجن وغرامات مالية تصل إلى (100,000) ريال والتشهير بالناقلين وترحيل الوافدين منهم مع منعهم من دخول المملكة لمدة (10) سنوات بعد تنفيذ العقوبة.
أكدت هيئة كبار العلماء أن الالتزام باستخراج تصريح الحج والتزام قاصدي المشاعر المقدسة يتفق والمصلحة المطلوبة شرعاً، إذ جاءت الشريعة بتحسين المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها. وأوضحت أنه لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح ويأثم فاعله ومن لم يتمكن من استخراج التصريح فإنه في حكم عدم المستطيع.
بينت الهيئة أن الالتزام باستخراج تصريح الحج مستند إلى ما تقرره الشريعة الإسلامية من التيسير على العباد في القيام بعبادتهم وشعائرهم ورفع الحرج عنهم، والإلزام باستخراج تصريح الحج جاء بقصد تنظيم عدد الحجاج بما يمكّن هذه الجموع الكبيرة من أداء هذه الشعيرة بسكينة وسلامة وهذا مقصد شرعي صحيح تقرره أدلة الشريعة وقواعدها.
دعت وزارة الداخلية للإبلاغ عن كل من يقوم أو يحاول القيام بنقل مخالفي أنظمة وتعليمات الحج بالاتصال بالرقم 911 في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية والرقم 999 في بقية مناطق المملكة. وشددت على تطبيق غرامة تصل إلى (100 ألف ريال) بحق كل من يقوم بنقل حاملي تأشيرات الزيارة أو يحاول نقلهم بهدف إيصالهم إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بدايةً من الأول من شهر ذي القعدة حتى نهاية اليوم الـ14 من شهر ذي الحجة.
أكد المتحدث الأمني بوزارة الداخلية العقيد طلال شلهوب أن الجهات الأمنية باشرت تنفيذ العقوبات بحق مخالفي التعليمات التي تقضي الحصول على تصريح لأداء الحج والدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما. وأضاف أنه سيتم معاقبة أي شخص يضبط مؤدياً أو محاولاً أداء الحج دون تصريح بغرامة مالية تصل إلى (20,000) ريال.