
كتب – أحمد جمعة: كحال ملايين من الأسر المصرية في مثل هذه الأيام من كل عام، تتعلّق قلوبهم بحلم واحد: أن تطأ أقدامهم أرض الحرمين، وأن تتزيّن أعينهم برؤية الكعبة المشرّفة.. حلم ينتقل من جيل إلى جيل، تحمله الدعوات، وتغذّيه الأمنيات ومن بين تلك الملايين، تبرز حكاية أسرة من قلب صعيد مصر، وتحديدًا من محافظة سوهاج، حملت هذا الحلم طويلًا في صدورها ورغم ما واجهته من تحديات، ظلّت متمسكة بالأمل التحدي الأكبر تمثّل في ابنتهم “إيناس”، ذات الـ23 عامًا، من ذوي الاحتياجات الخاصة، تعتمد على كرسيّ متحرك لكن عزيمة الأسرة لم تلن ولا شغفها بلقاء البيت الحرام خمد
تحقّق الحلم أخيرًا ووصلت الأسرة إلى مكة المكرمة ضمن بعثات حج الجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لتبدأ رحلة العمر وتتنفّس الرجاء بعد طول انتظار ومن أمام الكعبة، شاركت الأسرة مشاعرها وتجربتها وتحدثت عن الصعوبات التي تجاوزتها حتى الوصول إلى رحاب الحرم.
تقول الأم “إنعام”: “بقالي سنين بحلم أشوف الكعبة وكنت دايمًا بدعي إننا نحج أنا وجوزي وبنتي وربنا استجاب الحمد لله الخدمات من أول السفر لحد ما وصلنا السكن كانت ممتازة”
عائلة “عباس شعبان” أصبحت حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار مقطع يُظهر استخدام “إيناس” لمصعد مخصّص أثناء نزولها من الأتوبيس وهي على كرسيها المتحرّك في استجابة سريعة من المنظّمين بعد علمهم بوجود حالة خاصة تستحق التيسير والدعم.
عبّرت “إيناس” عن سعادتها قائلة: “الحمد لله كل حاجة متيسرة أوي أول مرة أستخدم الأسانسير وأنا على الكرسي وده سهّل عليا النزول كتير”
أما الأب الحاج “شعبان عباس”، فلم يتمالك دموعه من شدّة الفرح وهو يرافق ابنته قائلاً: “إحنا في نعمة كبيرة الحج كان حلم بعيد وربنا كرّمنا واللي أسعدنا أكتر إن بنتنا معانا شايفة الكعبة وبتضحك وبتدعي وده فضل من ربنا من أول لحظة نزلنا الناس بتعاملنا بكل ترحاب واحترام موفّرين لنا كل حاجة لراحة إيناس”
منذ انطلاق موسم الحج لهذا العام يحظى الحجاج المصريون برعاية كبيرة واستقبال حافل نتيجة للتنسيق المتكامل بين السلطات السعودية ووزارة التضامن الاجتماعي المصرية بهدف تقديم أفضل مستوى من الخدمات وتذليل العقبات خاصة أمام كبار السن وذوي الإعاقة.
وتزامنًا مع ذلك جرى الإعلان عن مجموعة من الخدمات المتخصّصة التي تُمكّن الحجاج من ذوي الاحتياجات الخاصة من أداء المناسك بسهولة وكرامة من بين هذه الخدمات: تخصيص مسارات ومساحات مستقلة داخل مناطق الطواف والسعي بما يضمن انسيابية الحركة دون تزاحم أو مشقة
كما تم تجهيز هذه المساحات بعربات كهربائية ويدوية ووفّرت الجهات المختصة فرقًا من المرشدين والمرشدات المدربين على التعامل مع الحالات الخاصة وكان لرجال الأمن دورٌ إنساني بارز إذ ساهموا في تنظيم حركة الحشود وتقديم الدعم للحجاج من ذوي الإعاقة في مشهد يعكس عمق التزامهم بأن يؤدي كل حاج مناسكه في أجواء يسودها الأمن والطمأنينة.
ولم تغفل الجهود عن توفير الترجمة بلغة الإشارة للحجاج الصم عبر مرشدين متخصصين وتوزيع مصاحف بلغة برايل إلى جانب وسائل سمعية ومرئية حديثة تُمكن هذه الفئة من متابعة الدروس والخُطب الدينية خلال فترة الحج.
كما طُوّرت تطبيقات ذكية تساعد ذوي الإعاقة على التنقل الآمن وتُقدّم لهم معلومات حيّة عن مواعيد وأماكن أداء المناسك وتُرشدهم إلى مواقع الزحام والاستراحات والخدمات الطبية وشملت التسهيلات توفير أجهزة لوحية داخل بعض مقار الإقامة ومراكز التوجيه إلى جانب فرق دعم تقني متنقلة لضمان الاستخدام الأمثل لهذه الأدوات.
بهذه المنظومة المتكاملة من الدعم الإنساني والتقني أصبح الحج هذا العام تجربة مختلفة بحق لكثير من الحجاج خاصة أولئك الذين كادوا يفقدون الأمل في أن يكونوا يومًا في حضرة الكعبة وبينهم “إيناس”… التي لامست حلمها وابتسمت.
- العدل تعلن عن 18 دائرة قضائية و5 كتابات عدل متنقلة لتقديم الخدمات لضيوف الرحمن
- آل الشيخ يقرر تقليص الفترات الزمنية بين الأذان والإقامة في مساجد مكة
- وزير السياحة والآثار يشارك في ندوة الحج الكبرى بالسعودية
- التعليم العالي يسعى لتقديم منحة تدريبية رقمية من جوجل تستهدف 200 ألف طالب
- الجوازات السعودية تسجل دخول مليون و330 ألف حاج من الخارج عبر كافة منافذ المملكة