
لم تكن «كاميليا» تبحث عن دين جديد، بل كانت تسعى وراء الحقيقة، فقد عانت من قلق داخلي منذ طفولتها، وكانت تتزايد تساؤلاتها عاماً بعد عام: من هو الله؟ هل يمكن أن أجد ديناً يجيب عن أسئلتي ويملأ فراغي الروحي؟ في الدنمارك، وسط مجتمع يفتقر إلى المعرفة الكافية عن الإسلام، بدأت رحلتها الطويلة للبحث، لم يكن هناك من يشجعها بل واجهت السخرية أحياناً لكنها استمرت في سعيها. تقول: «كنت أشعر بوجود خالق، شيئاً أعظم مما يُقال لي، لكنني لم أستطع تسميته بعد».
مرت سنوات من التساؤلات حتى جاء اليوم الذي تحدث فيه ابنها معها عن رغبته في اعتناق الإسلام، وقد شجعته قائلة: «إذا شعرت أن هذا هو الصواب، فافعله»، ولم يكن يعلم أنها تقترب بدورها من اللحظة التي ستغير حياتها للأبد. تلك اللحظة جاءت بعد بكاء طويل شعرت فيه أن قلبها وجد أخيراً ما كان يبحث عنه: «السلام»، كما تصفه. السلام الذي وجدته في القرآن وفي الإسلام.
ومن تلك النقطة بدأت رحلة جديدة.. كانت نهايتها -أو بدايتها الحقيقية- في مكة المكرمة حين اختيرت ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين لأداء الحج دون أن تسعى لذلك أو تحلم به حتى. تقول «كاميليا»: «كل شيء حدث كالمعجزة، لم أكن أعلم أن الله سيراني ويختارني». هكذا بدأت حديثها بعينين دامعتين وهي تروي قصة إسلامها التي قادتها في النهاية إلى الحج ضمن برنامج ضيافة خادم الحرمين الشريفين.
تقول إن هذا البحث المستمر عن إله تشعر به قادها للتأمل في الطبيعة حيث كانت ترى الأشجار والغابات والسماء وتدرك أنه لا يمكن أن يكون كل هذا الجمال والنظام نتيجة محض صدفة. هناك خالق شعرت به لكنها لم تكن تعرف من هو. ورغم استغراب المحيطين بها كانت «كاميليا» تواصل بحثها حتى جاء اليوم الذي قال لها ابنها: «أمي، ماذا لو أسلمت؟» فابتسمت وشجعته دون أن تعلم أن القرار سيكون نقطة التحول في حياتهما معاً.
بعد شهرين فقط وفي لحظة عميقة من التأمل وجدت نفسها تبكي بحرقة حيث كان قلبها يصرخ: أخيراً وجدت الطريق. بدأت بقراءة القرآن وذكرت أنها شعرت بأن كل سؤال طرحته قد وجد إجابه هنا. القرآن ليس مجرد كتاب بل هو دليل حياة وفيه إعجاز علمي يجعل العقل يخضع أمام عظمة الله.
مرت الأشهر وبدأ الحجاب يشق طريقه إلى حياتها حيث كانت ترتديه بثقة وتدعو الفتيات في مجتمعها الصغير لتجربته حيث كانت تقول لهن إن الحجاب يمنح راحة داخلية لا توصف. وفي أحد الأيام أثناء تسوقها اقتربت منها سيدة وسألتها: «هل أنتِ مسلمة؟ هل يمكننا التحدث؟» ولم تكن تعلم أن هذه المرأة تعمل ضمن اللجنة المعنية بالحج حيث قالت لها: «هل ترغبين في الحج؟» شعرت حينئذٍ بأن قلبها سيتوقف لأنها لم تكن تحلم بهذا وفجأة أصبحت من ضيوف الرحمن.
«كاميليا»، التي اختيرت ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين لا تزال غير مصدقة لهذا الأمر حيث وصفت ذلك بأنه معجزة بكل معنى الكلمة وأوضحت بأنها تم اختيارها لأنها كانت صادقة في سعيها لله. وعندما سُئلت إن كانت تعلم أن هذا البرنامج برعاية خادم الحرمين الشريفين أجابت بدهشة: «لم أكن أعرف حتى أخبرتني بذلك». ثم أضافت والامتنان يملأ نبرتها: «أشكر الله أولاً فهو من ناداني وقال لي تعالي إلى بيتي وأشكر السعودية التي منحتي هذه الفرصة التي لم أكن أحلم بها يوماً وسأظل أذكر هذه اللحظة ما حييت».