الدير الأبيض في سوهاج.. تحفة قبطية نادرة تسرد 1583 عامًا من التاريخ مع صور

الدير الأبيض في سوهاج.. تحفة قبطية نادرة تسرد 1583 عامًا من التاريخ مع صور

من بين أهم وأبرز هذه الآثار، يأتي الدير الأبيض في سوهاج، الذي يمثل أحد معالم التاريخ القبطي في مصر، ويُعد نموذجًا حيًا للفن والهندسة المعمارية القبطية.

والدير الأبيض، المعروف أيضًا باسم دير الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، يعود تاريخه إلى عام 441 ميلاديًا، أي حوالي 1583 سنة ويقع الدير في صحراء طيبة في سوهاج على بقايا مبانٍ فرعونية وُصف الدير بهذا الاسم نظرًا لأن معظم أجزاءه قد دُمّرت ولم يتبقَّ منه سوى الكنيسة التي أُطلق عليها اسم “الدير الأبيض” بسبب لون جدرانه الذي يميل إلى البياض يُعتبر هذا الدير واحدًا من أقدم الأديرة في مصر وقد كان مركزًا مهمًا للعبادة والرهبنة في العصر القبطي.

الأنبا شنودة يعد أحد الشخصيات البارزة في التاريخ القبطي وهو يُلقب بـ “أبي القبط” أو “أبي المصريين” كان الأنبا شنودة قائدًا روحيًا وفكريًا رائدًا في الكنيسة القبطية قاد الدير الأبيض في صحراء طيبة لمدة تزيد عن 56 عامًا وكان مسؤولًا عن نحو 2200 راهب و1800 راهبة كان يُعتبر قائدًا في مجال الرهبنة والشركة في مصر وله دور كبير في الحياة الروحية والفكرية في العصور القديمة كما كان من المشاركين الرئيسيين في مجمع أفسس المسكوني في عام 431 ميلادي حيث رافق القديس كيرلس الكبير في مناقشات هذا المجمع الذي كان له دور محوري في الدفاع عن العقيدة المسيحية.

من الناحية المعمارية يتميز الدير الأبيض بتخطيطه الذي يعكس الفن القبطي التقليدي الكنيسة الرئيسية في الدير تأخذ شكل مستطيل يمتد من الشرق إلى الغرب مع جدران شرقية وغربية يصل طولها إلى 36 مترًا و75 سم و36 مترًا و90 سم على التوالي أما الجدران الشمالية والجنوبية فطولها حوالي 74 مترًا و60 سم و74 مترًا و82 سم كما يحتوي الدير على 6 مداخل ثلاثة منها كبيرة واثنان على الواجهات الشمالية والجنوبية بينما تم سد المداخل الأخرى ليظل المدخل الرئيسي في الجهة الجنوبية.

عند دخول المدخل الرئيسي ستجد ساحة واسعة مستطيلة الشكل تحتوي على عدد من الأعمدة الحجرية الضخمة التي ترجع أصولها إلى العصر الفرعوني كما تحتوي على أرضية مغطاة بالبلاط يُظهر هذا المزيج بين الطراز القبطي والفن الفرعوني ارتباطاً وثيقاً بين الحضارتين المصرية القديمة والمسيحية.

شهد الدير الأبيض العديد من الأنشطة الدينية والثقافية التي ساهمت في نشر المسيحية في مصر كان الدير موطنًا لعدد كبير من المخطوطات القبطية القديمة التي تضم معلومات هامة حول الحياة الدينية والفكريةفي مصر خلال العصور الأولى للمسيحية كما كان المكان نقطة جذب للرهبان من جميع أنحاء مصر الذين اتبعوا نظاماً صارماً من الزهد والتقشف في حياتهم اليومية.

على مر الزمن وبسبب الظروف الطبيعية والسياسية بدأ عدد الرهبان بالتراجع إلا أن الدير ظل مركزاً هاماً للحج والعبادة حتى يومنا هذا ولطالما جذب الزوار من جميع أنحاء العالم الذين يأتون للاستمتاع بروحانية المكان واكتشاف أهميته التاريخية والثقافية.

في الآونة الأخيرة شهد الدير الأبيض العديد من أعمال التطوير والترميم تم تركيب أنظمة أمان وتحديث الإضاءة كما تم تجديد البلدورات والأعمدة المحيطة بالدير إضافة إلى ذلك تم تزويد المكان بكشافات إضاءة حديثة لتحسين الرؤية ليلاً وهو ما ساعد على جعل الدير أكثر جذباً للسياح والزوار الذين يأتون للاستمتاع بجماله الروحي والمعماري.

لا يزال الدير الأبيض يمثل مركزاً مهماً للحج المسيحيใน مصر ويعتبر من أهم المواقع السياحية والدينية التي تجذب الزوار والباحثين عن التاريخ القبطي كما أنه يحمل فى طياته العديد من المخطوطات والأيقونات التي تعكس تاريخ الكنيسة القبطية فضلاً عن كونه نقطة التقاء بين الفن المصري القديم والفن المسيحي.

تظل الآثار القبطية وخاصةً الدير الأبيض بمثابة مفتاح لفهم تاريخ مصر المسيحي والروحي فهي ليست مجرد حجارة أو جدران بل هي سجلات حية تمثل حياة وآمال المصريين فى العصور القبطية تُعد الأديرة والكنائس القبطية شاهدًا على استمرار الإرث المصري القديم وهي تمثل جزءاً مهماً من تاريخ مصر الذي لا يزال حيّاً فى كل زاوية وجدار.

قد يهمك أيضاً :-