
أكد الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، أن النظام المالي العالمي بحاجة إلى إصلاحات جذرية تسهم في الحد من أزمة الديون وتفتح المجال لتسريع خطوات التنمية المستدامة وأوضح أن أزمة الديون لم تعد حالة استثنائية بل أصبحت عائقًا هيكليًا يعطل مسارات التنمية في الدول النامية، حيث يعيش نحو ٤٠٪ من سكان العالم في دول تنفق على خدمة الدين أكثر مما تنفقه على خدمات الصحة، كما أن أكثر من ربع البشرية يعيش في بلدان تخصص للتعليم نسبة أقل مما تخصصه لسداد فوائد الديون.
وأشار محيي الدين إلى أن الأسباب الجذرية لهذه الأزمة تكمن في هشاشة الأنظمة المالية العامة في الدول النامية، فضلاً عن عدم عدالة النظام المالي العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية وغياب أدوات فعالة لمنع الأزمات أو إدارتها بعد وقوعها، بالإضافة إلى هيمنة المقرضين من القطاع الخاص الذين يرفضون تقاسم المخاطر.
وعرض الدكتور محمود محيي الدين أهداف مجموعة الخبراء التي يقودها والتي تم تعيينها من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي بهدف طرح حلول لأزمة الدين العالمي، حيث تعمل المجموعة على تطوير حلول سياسية واقعية لأزمة الديون عبر تعزيز الوصول إلى التمويل الميسر وتحسين آليات استدامة الدين وربط التدفقات المالية بأولويات التنمية العالمية بما في ذلك التكيف المناخي والنمو الاقتصادي الشامل.
ومن أبرز الإصلاحات التي دعا إليها محيي الدين توسيع نطاق آليات معالجة الديون لتشمل الدول ذات الدخل المتوسط وإعادة تفعيل تجميد خدمة الدين في حالات الصدمات الاقتصادية والصحية والمناخية وتسريع عمليات إعادة هيكلة الديون عبر المفاوضات المتوازية وضمان مشاركة الدائنين من الحكومات وبنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص من خلال إدراج “بنود العمل الجماعي” (CACs) ومبدأ “المعاملة بالمثل” (CoT) كما دعا إلى زيادة موارد صناديق الدعم مثل صندوق تخفيف أعباء الديون وصندوق احتواء الكوارث وتوسيع دور بنوك التنمية متعددة الأطراف ودعم حقوق السحب الخاصة وإعادة توجيهها بما يساعد في تمويل التنمية والعمل المناخي ودعم وتعميم أدوات التمويل المناخي مثل مقايضة الديون مقابل الطبيعة وسندات المناخ.
كما شدد محيي الدين على أهمية التعاون بين الدول المدينة وتوسيع نطاق مشاركة هذه الدول في طرح وتنفيذ حلول الدين مع ضرورة التركيز على هذه الإصلاحات والعمل على تنفيذها عبر الفعاليات والمؤتمرات الدولية الكبرى القادمة وفي مقدمتها مؤتمر تمويل التنمية المرتقب بين ٣٠ يونيو و٣ يوليو ومؤتمر المناخ COP30 الذي سيعقد في البرازيل نوفمبر المقبل وقمة مجموعة العشرين (G20) التي ستستضيفها جنوب أفريقيا أيضاً في نوفمبر المقبل، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين المبادرات الفاعلة مثل مبادرة الفاتيكان ومبادرة بريدجتاون لضمان استمرار زخم الإصلاحات.
واختتم محيي الدين مشاركته بالتأكيد على أن الوقت قد حان لإعادة بناء النظام المالي العالمي على أسس أكثر عدالة وشفافية بما يتيح تمويلًا ميسرًا للتنمية المستدامة ويمنع تكرار أزمات الديون مستقبلاً جاء ذلك خلال كلمته في جلسة مؤتمر لجنة يوبيل الفاتيكان التي تشكلت من جانب جامعة كولومبيا والأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية فى فبراير ٢٠٢٥ برئاسة جوزيف ستيجليتز الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل وعضوية عدد من الخبراء الاقتصاديين المرموقين ومن ضمنهم الدكتور محمود محيي الدين والذي انعقد اليوم فى روما لإطلاق تقرير اللجنة بشأن معالجة أزمات الديون والتنمية لإيجاد الأسس التمويلية لاقتصاد عالمي مستدام وذلك قبيل انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية المقرر إقامته في إشبيلية نهاية الشهر الجاري.
شهد المؤتمر مشاركة عدد من الشخصيات البارزة مثل جوزيف ستيجليتز الخبير الاقتصادي المعروف ومارتن جوزمان وزير الاقتصاد الأرجنتيني السابق وبراد سيتسر زميل كبير بمجلس العلاقات الخارجية التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية وداودا سيملين المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة “أفريكاكاتاليست” وألفارو لاريو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).
- وزيرة البيئة تسعى لتحقيق الاستدامة في أفريقيا والدول النامية وتحويل الآمال إلى واقع
- السعي نحو تحقيق الاستدامة في أفريقيا والدول النامية
- محيي الدين: الدين لم يعد أزمة مالية بل أزمة تؤثر على رفاهية الإنسان
- معلومات الوزراء" يسجل أجواء أقدم معرض لزهور الربيع في منطقة الشرق الأوسط
- "معلومات الوزراء": الاقتصاد الدائري يعزز من قدرة الاقتصاد على التكيف