
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، المفكر السياسي، إن الحرب الإسرائيلية- الإيرانية لم تكن مفاجئة لدول المنطقة بل كانت متوقعة، موضحًا أنها استكمال لحرب غزة التي استمرت أكثر من عام في ظل بطء دولي وترهل في مساعي وقف إطلاق النار
وأوضح سعيد، خلال حوار مع “سلاش ويب”، أن الضربات الإسرائيلية التي شنتها على طهران واغتيالها كبار قادة الجيش وعلماء الذرّة كشفت عن حالة الاختراق الاستخباراتي للجمهورية الإيرانية من قِبل الموساد وهشاشة أمنها القومي
ولفت المفكر السياسي إلى أن إسرائيل اعتمدت في ضرباتها على طائرات فائقة التطور ما مكنها من ضرب أهدافها بشكل دقيق على عكس الرد الإيراني الذي اعتمد على الصواريخ
وتطرق سعيد إلى الحديث عن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف زيادة رقعة الأراضي المحتلة حيث أكد أنه يستحيل تحقيقه نظرًا لأن إسرائيل دولة صغيرة المساحة وتعداد سكانها ضعيف للغاية وليس بإمكانها تشكيل جيش قوي لديه قدرة على الدخول في حرب إقليمية
وأشار سعيد إلى أن الخاسر الأول في الحرب الإسرائيلية- الإيرانية هو إسرائيل قائلًا: “العمليات العسكرية التي شنتها إسرائيل مؤخرًا لن تزيد إلا كراهية وبغضًا لها بالمنطقة وليس فرض سيطرة كما تظن حكومتها”
الحرب الإسرائيلية ومفاجأة العالم
وأجاب المفكر السياسي عن سؤال هل الحرب الإسرائيلية كانت مفاجأة للعالم؟ قائلًا: في واقع الأمر اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية لم يكن مفاجأة على الإطلاق بل كانت متوقعة وأنذرت بها حرب غزة التي استمرت أكثر من عام دون وقف نهائي لإطلاق النار بالتزامن مع بطء دولي في مساعي حل الأزمة مما أوضح أن هناك حربًا إقليمية قادمة بالمنطقة
وأضاف د.عبد المنعم سعيد أنه بمجرد بدء إسرائيل في شن غاراتها الجوية على إيران ظهر للعالم مدى الترهل الذي يعانيه الجيش الإيراني وأجهزته الاستخبارية ومدى اختراق الموساد لها بشكل كبير خلال السنوات الماضية حيث كانت البداية باغتيال عدد من علماء النووي والقادة العسكريين المهمين للجمهورية الإيرانية والمفترض أنهم يحظون بحراسات عالية وفائقة ويعتبرون شخصيات رفيعة المستوى ببلادهم خصوصًا أن سبقها اغتيالات سابقة لعلماء ذرة والقيادي الحمساوي إسماعيل هنية
سلاح الجو الإيراني لم يلحق بتكنولوجيا التطوير
وتابع المفكر السياسي فضلًا عن حالة الضعف التي يعانيها سلاح الجو الإيراني فاتضح أن سلاح الجو الإيراني لم يلحق بتكنولوجيا التطوير منذ سنوات ولا يمتلك سوى الطائرات القديمة وظهر ذلك في ردهم الهجمات الجوية التي نفذتها إسرائيل حيث استخدمت إسرائيل طائرات فائقة وعالية المستوى القتالي مما مكنها من ضرب أهدافها بشكل دقيق بينما اعتمدت إيران على الصواريخ في هجماتها على تل أبيب.
حرب غزة والشرق الأوسط الجديد
وقال د.عبد المنعم سعيد ردًّا على “ذكرت أن حرب غزة كانت بداية إقليمية فهل سيكون هناك شرق أوسط جديد كما يُقال؟”: “مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف توسع رقعة الأراضي المحتلة لا يمكن أن يتحقق لأن إسرائيل لا تملك أي مقومات لتنفيذه حيث إنها بلد صغير للغاية مساحته لا تتعدى 26 كيلومترًا مكعبًا وبها 7 ملايين يهودي” فمن المستحيل أن تفرض سيطرتها على دول المنطقة التي تتميز بكبر حجمها وعدد سكانها المرابطين على القومية العربية والدفاع عن أراضيهم وبلدانهم
إسرائيل وإحداث انقسام إقليمي
وأضاف المفكر السياسي وكل ما كانت تحاول إسرائيل أن تفعله خلال الفترات الماضية هو الوقيعة بين العرب وإيران وتوسيع الفجوة بينهما لأكبر حد من أجل إحداث انقسام إقليمي حتى جاءت حرب غزة التي كانت بمثابة مغناطيس للعلاقات الإقليمية حيث شاهدنا خلال الفترة الأخيرة تقاربًا بين دول الخليج العربي وإيران وبين مصر وقطر اللتين قادتا مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بعد فترة توتر في العلاقات استمرت سنوات
واستكمل سعيد فضلًا عن محاولات إسرائيل السيطرة على الشارع الإيراني حيث ظهر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة يحث الشعب الإيراني على الخروج ضد نظام الحكم ظنًَّا منه بأن الإيرانيين سينصتون إليه وتناسى أن الشعب الإيراني شعب مرابط على وحدته وقوميته.
شخصية ترامب والدعم الأمريكي للحرب
وأجاب سعيد عن سؤال “ما وجهة نظرك حال استمرار الدعم الأمريكي للحرب؟” قائلًا: تصريحات ترامب بشأن الحرب الإسرائيلية- الإيرانية لا تبدي أي تغيير خصوصًا أنه شخصية فريدة من نوعها تشوبها السوقية والحنجرية والبلطجية والبزنس ولا يظهر له أي اتزان في قراراته
وأضاف المفكر السياسي فيما يتعلق بالدعم الأمريكي لإسرائيل فهو واجب مقدس بالنسبة إلى الأمريكان ودونها ما تجرأت إسرائيل لضرب إيران جويًَّا وفي السنوات الأخيرة كان هناك تعزيز للتعاون العسكري الإسرائيلي- الأمريكي وصل إلى حد التعاون الاستخباراتي الموسع بين الموساد والمخابرات الأمريكية مما يجعلنا نقول إنهما وجهان لعملة واحدة
إسرائيل وإيران وصراع السماء
وتابع د.عبد المنعم سعيد أما فيما يتردد بشأن دعم أمريكي لإسرائيل بالعناصر البشرية في حربها ضد إيران أو غيرها فذلك لن يحدث على الإطلاق نظرًا لأن الجمهوريين لا يؤيدون تلك الفكرة من الأساس ولن يقبلوا تعرض مجنديهم للخطر والحروب فضلًا عن أن إيران دولة كبيرة المساحة وذات تعداد سكاني يصل إلى 85 مليون نسمة فمن المستحيل أن تقع تحت سيطرة إسرائيل الصغيرة فحال استمرار الصراع لن يكون لكليهما إلا صراع السماء فقط.
الموقف المصري تجاه الحرب
وقال المفكر السياسي بشأن موقف مصر من الحرب: من وجهة نظري أن الموقف المصري تجاه الحرب الإسرائيلية- الإيرانية كان ممتازًَا رغم تحفظاتنا على مواقف الحكومة الإيرانية وتدخلها في الشأن المصري مطلع أحداث 25 يناير حيث دعم المرشد الإيراني علي الخميني تحركات الإخوان وألقى خطابًَا باللغة العربية لدعم المظاهرات آنذاك فضلًا عن عمد الحكومة الإيرانية إسقاط أنظمة الحكم في بعض البلدان العربية مثل العراق بهدف توسيع مشروعهم الإسلامي
إسرائيل وفرص القضاء على النظام الإيراني
وأجاب سعيد عن سؤال “هل تتوقع أن تقضي إسرائيل على النظام الإيراني حال عودة الضرب؟” قائلاً: “الحرب الإسرائيلية- الإيرانية تعد حربًَا جديدة وفريدة من نوعها نظرًَا لأنها تعتمد على الضربات الجوية والصواريخ فقط” ولن يكون للزحف العسكري (المشاة) أي دور فيها خلال الفترة المقبلة وستنتهي بالتفاوض
وأضاف المفكر السياسي أما بالنسبة إلى سقوط الدولة الإيرانية فعلى الرغم من الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي لأجهزة الاستخبارات الإيرانية فإنه لن يسقط نظام الحكم الإيراني نظرًَا لأن هناك ترابطًَا بين الشعب والجيش للالتفاف حول القيادة والصمود أمام التحديات فالشعب الإيراني بطبعه وطني وقومي ومقاوم
نقل صلاحيات المرشد الإيراني للحرس الثوري
وقال د.عبد المنعم سعيد إن القرارات التي اتخذها المرشد الإيراني علي خامنئي بشأن نقل صلاحيته إلى الحرس الثوري الإيراني مؤخرًَا تأتي ضمن إجراءات المحافظة على الأمن القومي لبلاده وثبات نظام الحكم حال وفاته خصوصًَا بعد تهديدات الرئيس الأمريكي باغتياله.
مَن الخاسر؟
وأضاف المفكر السياسي إن الخاسر في تلك الحرب هو إسرائيل فعملياتها العسكرية التي شنت مؤخرًَا لن تزيد إلا كراهية وبغضًَا لها بالمنطقة وليس فرض سيطرة كما تظن حكومتها.
سقوط الإخوان و”30 يونيو”
وأجاب سعيد عن سؤال “كيف سقطت جماعة الإخوان بعد العام الأسود؟” قائلاً: “ثورة 30 يونيو كانت نهاية مرحلة ثورة 23 يوليو والتي شهدت تقاربًا متقطعًا بين السلطة وجماعة الإخوان” فبعد نجاح ثورة 23 يوليو انتهت بتنازل الملك فاروق عن العرش لنجله أحمد فؤاد الثاني الذي لم يكمل عامًا واحدًَا تم تشكيل مجلس وصاية عليه برئاسة عبد المنعم عبد الرؤف الذي كان ينتمي لجماعة الإخوان وبنجاح إعلان الجمهورية ظهر وجه الجماعة الحقيقي (الإرهابي) بمحاولتهم اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954 للهيمنة على كل مفاصل السلطة مما دفع عبد الناصر لملاحقتهم وعاشت الجماعة فترة صراع مع الدولة حتى وفاته
وأضاف سعيد وفي عقد السبعينيات كان هناك تقارب بين السلطة وجماعة الإخوان حيث أصدر الرئيس السادات الكثير من قرارات العفو عن الكثيرين منهم المتهمين بقضايا إرهاب ظنّاً منه بأنهم سيدعمونه وكانت النهاية اغتياله بعد شعور الجماعة بأنها حظيت بتمكين سياسي كبير
الإخوان والعمل السياسي من الثمانينيات إلى 2011
واستكمل المفكر السياسي وفي عهد الرئيس حسني مبارك وتحديدًَا نهاية الثمانينيات تقاربت الجماعة مع حزب الوفد وحزب العمل لتشكيل تحالفات انتخابية ودخول العمل السياسي واستمر نشاطهم حتى أحداث يناير 2011 التي لعبت فيها الجماعة دورًَا كبيرًّا لإسقاط نظام الحكم وإشاعة الفوضى بالبلاد
وقامت الجماعة بتأجير شقق محيط ميدان التحرير واستغلال الشباب الثائر ضد النظام لتنفيذ أجندة أجنبية تبنوها للوصول إلى سدة الحكم وإسقاط الدولة
وقال سعيد ومن هنا نستطيع القول إن ثورة 30 يونيو جاءت بعد حكم عام واحد لجماعة الإخوان وكشفت الوجه الحقيقي للجماعة في سفك الدماء ومحاولاتهم لإسقاط الدولة وتقسيم البلاد وأنهت أي نوع من أنواع التقارب بين جماعة الإخوان والسلطة قد يحدث سواء حاليّاً أو مستقبلاً.
تحديات ما بعد 30 يونيو
وأجاب المفكر السياسي عن سؤال “ما أبرز التحديات التي واجهت الدولة بعد 30 يونيو؟” قائلًا بعد سقوط جماعة الإخوان كانت هناك تحديات كبيرة تواجه الدولة واستطاعت التغلب عليها بتضافر شعبهاأبرز هذه التحديات الإرهاب حيث كانت سيناء موطن الجموع المتطرفة والإرهابية التي استطاعت دخول البلاد عبر الأنفاق الواقعة حدودنا الشرقية بالإضافة إلى اشتعال الأزمة الليبية الحدود الغربية الأمر الذي شكل تهديدا كبيرا للأمن القومي المصري
وأضاف سعيد وقد واجهت الدولة تحديات سياستهابالخارج فكان هناك بعض الدول تدعم جماعة الأخوان أبرزهن الولايات المتحدة الأمريكية واستطاعت الدولة تعزيز شبكة علاقاتها الخارجية وأصبحت أكثر انفتاحا العالم الخارجي بتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد.
أخطاء جبهة الإنقاذ الوطني
وقال د.عبد المنعم سعيد إن جبهة الإنقاذ الوطني التي تشكلت لتمثيل المعارضة ارتكبت بعض الأخطاء أبرز هذه الأخطاء قبل صعود الأخوان للحكم حيث كان بعض أحزاب دعم مرسي الجولة الثانية الانتخابات الرئاسية لعام2011 وبمجرد صعود الجماعه لسدة الحكم أدركوا أخطاءهم بعدما أهمتهم الجماعه بحلم النهضة
والخطأ الثاني هو عدم وضع خطة لما بعد رحيل مرسي واقتصار دور الجبهة سقوط النظام فقط ولم يصدر أحد منهم كتاب رؤية تجاه مرحلة ما بعد ثلاثون يونيو.
الإخوان وتصفية القضية الفلسطينية
واختتم المفكر السياسي حواره بالحديث موقف القضية الفلسطينية التصفية لو استمرت جماعه الأخوان بالحكم قائلاً إن مسألة تصفية القضية الفلسطينية للأسف قد حدث بالفعل الفلسطينيين أنفسهم نتيجة لحالة الانقسام الهيمنة الوفاق الوطني الفلسطيني إذ يوجد حوالي أربعة عشر فصيل مسلح ليسوا وفاق أو توحد وكل منهم يتهم الآخر بالخيانة ولا يمكن قيام دولة مستقلة ظل هذا الصراع الحاد وجماعه الأخوان لو استمرت بالحكم وشهدت حرب غزة كان مؤكداً أنه سيتم استدراجهم للحرب والدخول نفق مظلم لا نعلم نتائجه.