
شاطئ العريش يُعتبر من أبرز الوجهات السياحية على سواحل البحر المتوسط، حيث يشهد إقبالاً متزايدًا من الزوار خلال فصل الصيف، ويعود ذلك إلى موقعه الفريد ونقاء رماله وهدوء مياهه، إذ ينقسم الشاطئ إلى مناطق متنوعة تلبي احتياجات الجميع.
من بين المشاهد الجذابة التي تثير اهتمام الزائرين، انتشار أشجار النخيل على طول الشاطئ، ما يضيف طابعًا استوائيًا نادرًا لمشهد المتوسط وقد تمكن شباب العريش من استغلال طبيعة المكان بطرق مبتكرة عبر إعادة إحياء جذوع النخيل القديمة وتحويلها إلى “عرائش” تقليدية تعكس هوية المدينة.
تُعد هذه العرائش أكثر من مجرد مظلات توفر الظل، فهي تجربة بصرية وروحية فريدة يتم جمع جريد النخيل المتهالك وتدويره يدويًا لصناعة مظلات دائرية تتراوح أقطارها بين مترين وأربعة، وتُزيَّن بإضاءات خافتة وخيوط ملونة تنسدل برقة فوق الرمال البيضاء، مما يمنح الزائرين لحظات من السكينة وصفاء الذهن.
يُروى أن اسم مدينة العريش مشتق أصلاً من هذه “العرائش”، التي كانت بيوتًا بدائية شُيدت بجريد النخل المنتشر بكثافة على الساحل، وقد شكلت نواة الحياة الأولى في تلك الأرض ومع مرور الزمن عادت تلك العرائش في شكل رمزي جميل يوحد بين الماضي والحاضر ويعبر عن الهوية الثقافية لشمال سيناء.
ومع كل موسم صيفي جديد تتجدد هذه العرائش بأفكار وإضافات مبتكرة، حيث يتنافس مقدمو الخدمات لتقديم أشكال جديدة وزخارف مختلفة وإضاءات متجددة تجعل كل عريشة عملًا فنيًا فريدًا يعكس ذوق صاحبها.
ما يثير الإعجاب في هذه المبادرة هو أنها تعزز قيم الاستدامة والوعي البيئي عبر إعادة استخدام مخلفات النخيل بدلاً من التخلص منها كما تخلق فرص عمل لأبناء المدينة وتوفر خدمات سياحية محلية بطابع تراثي مميز.
ومع حلول المساء يتحول الشاطئ إلى مسرح مفتوح للدهشة، فالغروب هنا ليس مجرد لحظة زمنية بل حدث بصري وروحي ينتظره الجميع عند انخفاض الشمس وملامستها للأفق يبدأ لون البحر بالتغير من الأزرق إلى الذهبي ثم البرتقالي فالأحمر المتوهج قبل أن يبتلع الأفق قرص الشمس في مشهد يخطف الأنفاس.
يقول محمد سليمان أحد أبناء العريش: “الغروب في العريش له طقسه الخاص، أشبه بتأمل جماعي للجمال حيث يتوقف الناس عن كل شيء لمتابعة المشهد حتى نهايته. إنه طقس يومي لا يُمل بل يُنتظر بشغف”
في تلك اللحظة تصمت الأصوات وترتفع عدسات الهواتف والكاميرات التي تتسابق لتوثيق لحظة الغروب التي أصبحت مادة يومية للمصورين والهواة ورواد التواصل الاجتماعي.
ولا يمكن الحديث عن سحر العريش دون ذكر “حوض الجزيرة” الذي يُعتبر من أبرز المواقع الطبيعية على امتداد شاطئ الريسة شرق المدينة فهو يتميز بتكوينه الجغرافي الفريد الناتج عن تداخل مياه البحر مع التلال الرملية مما أفرز بحيرة صغيرة محاطة بالرمال البيضاء وأشجار النخيل.
أصبح المكان مقصدًا مثاليًا للعائلات والمغامرين على حد سواء بينما يستمتع الأطفال بالسباحة في المياه الهادئة يتسلق الشباب التلال الرملية العالية لمشاهدة البحر من علٍ قبل الانزلاق نحو الشاطئ في مشاهد مليئة بالحيوية.
يفضل كثيرون الجلوس بهدوء قرب الحوض وتحضير الشاي والوجبات الخفيفة والاستمتاع بالطبيعة البكر حيث يقول أحد زوار المنطقة: “ما يميز حوض الجزيرة هو نقاؤه فلا توجد مبانٍ إسمنتية ولا صخب فقط الطبيعة كما خلقها الله”
في مشهد آخر مدهش يقع “شاطئ السفينة” الذي أصبح أيقونة سياحية جديدة على ساحل العريش يعود تسميته لسفينة حديدية مهجورة جنحت للشاطئ منذ سنوات واستقرت على الرمال مما جعلها تبدو كأنها نبتت من الأرض”.
هذا الهيكل الصدئ الذي كان مهملًا تحول بفضل جهود الشباب إلى معلم بصري وطني بعد أن رفعوا علم مصر فوق بقايا السفينة ليحولوا الحطام إلى رمز للصمود والانتماء وموقع يجذب الزوار لالتقاط الصور التذكارية خاصة عند الغروب حين يلف الضوء الذهبي المكان