ما الأسباب وراء قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بنسبة 2.25%

ما الأسباب وراء قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بنسبة 2.25%

قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها يوم الخميس الموافق 17 أبريل 2025 خفض سعري لليلة الواحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 225 نقطة أساس ليصبح 25.00% و26.00% و25.50% على الترتيب. كما تم اتخاذ قرار بخفض سعر الائتمان والخصم بواقع 225 نقطة أساس ليصل إلى 25.50%.

عالميا، ساهم عدم اليقين بشأن آفاق الاقتصاد إلى تبني البنوك المركزية في بعض اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة نهجا حذرا إزاء المسار المستقبلي للسياسة النقدية. وبينما يبقى النمو الاقتصادي مستقرا إلى حد كبير، من المتوقع أن تؤدي التطورات الأخيرة في التجارة العالمية إلى خفض التوقعات بسبب المخاوف من اضطراب سلاسل التوريد وضعف الطلب العالمي.

وعلى وجه الخصوص، شهدت أسعار النفط انخفاضًا ملحوظًا نتيجة عوامل مرتبطة بجانب العرض وتوقعات بتراجع الطلب العالمي في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية. وفي الوقت نفسه، شهدت أسعار السلع الزراعية الرئيسية، وخاصة الحبوب، تقلبات ناجمة عن الاضطرابات المناخية. ومع ذلك، لا يزال التضخم عرضة للمخاطر الصعودية، بما في ذلك تفاقم التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في التجارة العالمية نتيجة تصاعد السياسات الحمائية.

أما على الصعيد المحلي، فتفيد المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 بتعافي النشاط الاقتصادي بشكل مستدام للربع الرابع على التوالي، إذ تجاوز معدل النمو النسبة البالغة 4.3% المسجلة في الربع الرابع من عام 2024. وقد جاء نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الرابع من 2024 مدفوعا أساسا بالمساهمات الإيجابية للصناعات التحويلية غير البترولية والتجارة والسياحة. ومع ذلك، تشير تقديرات فجوة الناتج إلى أن النشاط الاقتصادي الفعلي لا يزال دون طاقته القصوى على الرغم من النمو المستمر طوال عام 2024. ومن المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026. وعليه، فإن تقديرات فجوة الناتج الحالية تدعم الاتجاه النزولي المتوقع للتضخم على المدى القصير، إذ من المنتظر أن تظل الضغوط التضخمية محدودة من جانب الطلب في ظل التقييد النقدي الحالي.

وفيما يتعلق بالتضخم السنوي، شهد الربع الأول من عام 2025 انخفاضاً ملحوظاً في التضخم بسبب التأثير المواتي لفترة الأساس بجانب الأثر التراكمي للتقييد النقدي وتلاشي أثر الصدمات السابقة. وتحديدًا، تراجع التضخم السنوي العام والأساسي إلى 13.6% و9.4% في مارس 2025 على التوالي، وهو أدنى معدل للتضخم الأساسي منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. ويُعزى انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام بشكل رئيسي إلى تراجع التضخم السنوي للسلع الغذائية من 45.0% في مارس 2024 إلى 6.6% في مارس 2025. كما أظهر التضخم السنوي للسلع غير الغذائية تباطؤًا نسبيًا في اتجاه الانخفاض، حيث تراجع من 25.7% في مارس 2024 إلى 18.9% في مارس 2025، بسبب استجابته المتأخرة للصدمات السابقة وتأثير إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة. بالإضافة إلى ذلك، بدأت التطورات الشهرية للتضخم منذ بداية العام في الاقتراب من نمطها المعتاد تاريخياً، مما يشير إلى تحسن توقعات التضخم.

وقد أدى الانخفاض الحاد في المعدل السنوي للتضخم العام بنحو 9.0 نقطة مئوية في الربع الأول من عام 2025، اتساقًا مع التوقعات، إلى تقييد الأوضاع النقدية بدرجة ملحوظة مما أتاح مجالًا واسعًا لبدء دورة التيسير النقدي. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من عام 2025 بسبب تأثير إجراءات ضبط الأوضاع المالية العامة المنفذة والمقررة لعام 2025، بالإضافة إلى تباطؤ وتيرة انخفاض تضخم أسعار السلع غير الغذائية. ومع ذلك، لا تزال توقعات التضخم عرضة للمخاطر الصعودية في ظل احتمال تجاوز إجراءات ضبط المالية العامة تأثيرها المتوقع، فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن تأثير الحرب التجارية الصينية الأمريكية الحالية والتصعيد المحتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية.

وفي ضوء ما سبق وأخذًا في الاعتبار الأوضاع النقدية الحالية، ترى لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي بواقع 225 نقطة أساس يعد مناسبًا للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة تهدف إلى ترسيخ التوقعات ودعم المسار النزولي المتوقع للتضخم. وسوف تواصل اللجنة تقييم قراراتها بشأن فترة التقييد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات. وستستمر اللجنة في مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة لتحقيق هدف استقرار الأسعار من خلال توجيه التضخم نحو مستهدفه البالغ 7% ± 2 نقطة مئوية في الربع الرابع من عام 2026.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الإجراءات تأتي في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، حيث تعمل الحكومة والبنك المركزي على تعزيز استقرار السوق وتحسين بيئة الأعمال. هذه الخطوات تشير إلى التزام السلطات بتحقيق نمو مستدام وتعزيز الثقة في الاقتصاد، مما قد يساهم في جذب الاستثمارات وتحسين معيشة المواطنين.

على الرغم من التحديات الحالية، فإن التركيز على تحقيق الأهداف الاقتصادية على المدى الطويل قد يسهم في بناء اقتصاد أكثر مرونة وقدرة على مواجهة التقلبات المستقبلية. كما أن التعاون بين القطاعين العام والخاص سيكون له دور محوري في تحفيز النمو وتعزيز الابتكار في مختلف القطاعات.

قد يهمك أيضاً :-