معلومات الوزراء يستعرض تجربة الهند في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص

معلومات الوزراء يستعرض تجربة الهند في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص

في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء برصد وتحليل التجارب الدولية في مختلف المجالات التنموية، سلط المركز الضوء على تجربة الهند في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مشيرًا إلى أن الهند وضعت رؤية طموحة تهدف لأن تصبح اقتصادًا قويًّا بقيمة 10 تريليونات دولار (835.7 تريليون روبية) بحلول عام 2035، حيث يتطلب هذا الهدف تحقيق استثمارات ضخمة في البنية التحتية وإشراك أصحاب المصلحة المتعددين، لذا اتجهت الحكومة الهندية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية من خلال نموذج الشراكة بين القطاعين، خاصة في قطاع البنية التحتية.

وفقًا لتقرير مركز المعلومات، فقد اتخذت الهند مسارًا منهجيًّا لإنشاء برنامج متكامل للشراكة بين القطاعين العام والخاص لتقديم المرافق العامة والبنية التحتية ذات الأولوية- فمنذ عام 1990 حتى عام 2022 تم تنفيذ ما مجموعه 1265 مشروعًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص عبر قطاعات متنوعة مثل المطارات والكهرباء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والغاز الطبيعي والموانئ والسكك الحديدية والطرق والمياه والصرف الصحي- حيث بلغ إجمالي الاستثمار في هذه المشروعات حوالي 295.56 مليار دولار (24.70 تريليون روبية).

أوضح التقرير أن قطاعي الطرق والطاقة كانا الأكثر نشاطًا؛ حيث شكلا أكثر من 84% من إجمالي عدد المشاريع التي أُغلقت ماليًّا، وقد حصلت الطاقة على أعلى حصة من الاستثمارات الإجمالية في هذه المشروعات، تلتها الطرق والمطارات والموانئ والسكك الحديدية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمياه والصرف الصحي.

تشير المعطيات إلى أن النهج الذي تتبناه الهند في التعامل مع الشراكات بين القطاعين العام والخاص هو نهج لا مركزي يعكس أطر عمل متنوعة عبر الولايات المختلفة، حيث قامت حكومات الولايات والوزارات الإدارية بإنشاء هياكل تنظيمية خاصة بها لتوجيه اختياراتها وتسريع تطوير البنية التحتية، وعلى المستوى المركزي وضعت حكومة الهند إرشادات وسياسات وأدلة لتعزيز أفضل الممارسات في تطوير وتنفيذ الشراكات بين القطاعين العام والخاص، كما دعمت الحكومة مشروعات الشراكة بعدة آليات مباشرة وغير مباشرة خلال مراحل حياة تلك المشروعات.

من أبرز الآليات الحكومية التي تم تقديمها الدعم المالي؛ إذ وفرت الحكومة الهندية ما يصل إلى 20% من إجمالي تكلفة المشروع عبر صندوق التنمية المجتمعية. بالنسبة للقطاعات المرغوب فيها اجتماعيًّا فإن صندوق التنمية المجتمعية يوفر ما يصل إلى 30% من تكلفة المشروع، بالإضافة إلى إمكانية إضافة حكومة الولاية حتى 30% أخرى من التكلفة.

علاوة على ذلك تدعم الهيئات الحكومية بناءً على طلب كتابي من أصحاب الامتياز التصاريح الخاصة بالمشروعات والموافقات وتوفير المرافق والبنية التحتية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.

على الرغم من أن معظم مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص كانت تعتمد تقليديًّا على الائتمان المصرفي المحلي إلا أن هناك تشجيع لمصادر التمويل البديلة لضمان توفير التمويل الكافي للمشاريع المتعلقة بالبنية التحتية؛ إذ يُسمح بالاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تصل إلى 100% تقريبًا عبر جميع قطاعات البنية التحتية.

كما توفر “صناديق الاستثمار في البنية التحتية” وهي صناديق استثمار متخصصة تهدف لجمع الأموال للاستثمار في مشاريع مثل الطرق والجسور والموانئ والمطارات والطاقة المتجددة والمرافق العامة.

تهدف هذه الصناديق لتحقيق عوائد طويلة الأجل للمستثمرين عبر تمويل وتطوير وصيانة مشاريع ذات تأثير اجتماعي واقتصادي مستدام، كما تسمح صناديق الاستثمار العقاري بالاستثمار في عقارات كبيرة مُدرة للدخل.

هناك أيضًا جهود ملحوظة لدعم “السندات الخضراء”، وهي أدوات ذات دخل ثابت تهدف لدعم المشاريع المرتبطة بالمناخ والبيئة وقد تأتي مع حوافز ضريبية للمستثمرين.

في هذا السياق طرحت الدولة الهندية مبادرات رئيسة لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مجال البنية التحتية كمشروعي خط أنابيب البنية التحتية الوطنية لإنشاء خارطة طريق لاستثمار يبلغ 111 تريليون روبية (1.33 تريليون دولار) على مدى خمس سنوات بدءً من السنة المالية 2019-2020 وحتى السنة المالية 2024-2025 لتطوير البنية التحتية داخل البلاد وخط أنابيب النقد الوطني لإنشاء خارطة طريق محددة لتطوير البنى التحتية.

أوضح التقرير أنه خلال العقود الثلاثة الماضية شهدت الهند مشاركة نشطة للرعاة الأجانب؛ حيث اجتذبت نحو 260 مشروعًا لرعاة دول مختلفة مثل الإمارات وفرنسا وألمانيا وماليزيا وسنغافورة والمملكة المتحدة وأمريكا. يشير الواقع إلى أن المشهد المرتبط بالشراكات بين القطاعين العام والخاص في الهند يتمتع بطابع ديناميكي مع تدخلات مستمرة لتعزيز بيئة أكثر ملاءمة لمشاركة القطاع الخاص.

في ظل هذه الظروف أكد “بنك التنمية الآسيوي” أن مستقبل الشراكات بين القطاعين العام والخاص يبدو واعدًا؛ فهو يسهم بشكل كبير في تقدم البنية التحتية والتوسع الاقتصادي. وفقاً للبنك يُتوقع أن تلعب هذه الشراكات دورًا محوريًّا في سد فجوة البنية التحتية وتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية مما يسهم بدوره بتحقيق الطموحات الاقتصادية للهند.

كما أكد البنك على أهمية تركيز الحكومة الهندية القوي على نمو قطاع البنية التحتية وأشار إلى إمكانية تعزيز قطاع الشراكات بين القطاعين العام والخاص عن طريق ضبط الأطر التنظيمية على مستوى الولاية ومعالجة القضايا المالية وتسريع حل النزاعات.

وفي ختام التقرير أشار إلى أنه عبر تعزيز التعاون بين القطاعات العامة والخاصة تُساهم تلك الشراكات بشكل فعال وضامن لوصول فوائد تطوير البنية التحتية لكافة شرائح المجتمع مما يعزز العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بجميع أنحاء البلاد
.

قد يهمك أيضاً :-
قد يعجبك أيضا :-