
رحب الدكتور محمد محمود مهران المتخصص في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بالبيان الثلاثي الصادر عن بريطانيا وفرنسا وكندا، وحذر من فرض عقوبات على إسرائيل بسبب عدم وقف حربها وعرقلة إدخال المساعدات الإنسانية، واصفاً إياه بأنه خطوة إيجابية وإن جاءت متأخرة نحو تحمُّل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه المأساة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها سكان القطاع.
وقال الدكتور مهران في تصريحات صحفية، إن هذا البيان يُعد اعترافاً ضمنياً من هذه الدول بأن إسرائيل ترتكب انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تُلزم قوة الاحتلال بتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين الخاضعين للاحتلال، مشيراً إلى أن منع دخول المساعدات الإنسانية يُعد جريمة حرب واضحة المعالم وفقاً للمادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول.
وتابع مهران، لقد لفت نظري في البيان الثلاثي وصفه المباشر لإجراءات إسرائيل بأنها غير مقبولة وتنتهك القانون الإنساني الدولي، موضحاً أن هناك تحول ملموس في لغة الخطاب السياسي الغربي تجاه إسرائيل بعد أشهر من التعامي عن الجرائم المرتكبة في حق المدنيين الفلسطينيين.
وحول سماح إسرائيل بدخول تسع شاحنات فقط محملة بالمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، أكد مهران أن هذا لا يمثل سوى محاولة يائسة لتحسين صورتها أمام الرأي العام الدولي خاصة بعد تصاعد الانتقادات الدولية وحتى من حلفائها التقليديين، مشيراً إلى أن تسع شاحنات لن تغير من حقيقة المجاعة المتعمدة التي تفرضها إسرائيل على أكثر من مليوني إنسان في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
ولفت الخبير الدولي إلى أن حجم المساعدات التي يحتاجها سكان غزة يومياً يقدر بمئات الشاحنات وليس تسع شاحنات فقط وهو ما يؤكد وصف الأمم المتحدة لهذه المساعدات بأنها قطرة في محيط.
وأوضح مهران أن استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ويعد انتهاكاً جسيماً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة، لافتاً إلى أن ما تقوم به إسرائيل من محاولات للتضليل عبر السماح بدخول عدد رمزي من الشاحنات لا يغير من الحقيقة القانونية لهذه الجريمة.
وشدد أستاذ القانون الدولي على ضرورة أن يكون البيان الثلاثي بداية لتحرك دولي أوسع نطاقاً وأكثر فاعلية معتبراً أن انضمام أكثر من 22 دولة أجنبية بما فيها ألمانيا واليابان وأستراليا للمطالبة بالسماح بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري إلى غزة يعد مؤشراً إيجابياً على اتساع دائرة الضغط الدولي على إسرائيل.
كما أضاف أنه المطلوب الآن هو ترجمة هذه البيانات والتحذيرات إلى إجراءات عملية وفورية تتضمن فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل وتجميد اتفاقيات التعاون والشراكة معها وحظر تصدير النفط والأسلحة إليها بالإضافة إلى ملاحقة قادتها السياسيين والعسكريين المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
هذا وأشار الدكتور مهران إلى أنه في ضوء رفض إسرائيل للآلية التي اقترحتها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لإدخال المساعدات وإصرارها على فرض آليتها الخاصة التي تتحكم بها في حجم ونوعية المساعدات يجب على المجتمع الدولي التحرك لفرض آلية دولية تكفل إدخال المساعدات بشكل مستمر وكافٍ وتحت إشراف المنظمات الدولية.
ونوه إلى أهمية الإشارة الواردة في البيان الثلاثي حول معارضة توسيع المستوطنات في الضفة الغربية قائلاً: هذا يعكس إدراكاً متزايداً لخطورة السياسة الاستيطانية الإسرائيلية التي تقوض بشكل منهجي أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة
كما بين مهران أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكل انتهاكاً صارخاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على دولة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها كما أنه يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 الذي أكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية وكذا فتوى محكمة العدل الدولية الأخيرة.
وأردف: القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في عام 2004 بشأن الجدار العازل اعتبر المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية وهو ما أكده أيضاً فتوى محكمة العدل الدولية الأخيرة التي أكدت على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة كما لفت إلي أن الإشارة إلى موضوع المستوطنات في البيان الثلاثي تؤكد ضرورة معالجة كافة الانتهاكات الإسرائيلية وليس فقط ما يتعلق بالحرب على غزة
وحول الآليات القانونية المتاحة لفرض عقوبات على إسرائيل أوضح الدكتور مهران أنه هناك مسارات متعددة يمكن اتباعها منها فرض عقوبات اقتصادية ثنائية من قبل الدول المعنية أو السعي لإصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو تفعيل الاختصاص القضائي العالمي لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب الإسرائيليين.
ودعا أستاذ القانون الدول العربية إلى استثمار هذا التحول في المواقف الدولية وتكثيف جهودها الدبلوماسية للضغط من أجل وقف الحرب على غزة وتقديم مرتكبي جرائم الحرب للمحاكمة قائلاً: يجب على الدول العربية استغلال هذه اللحظة التاريخية للتحرك بشكل جماعي ومنسق في المحافل الدولية وتقديم مشاريع قرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة الانتهاكات الإسرائيلية والضغط على الدول الأوروبية للانضمام إلى موقف بريطانيا وفرنسا وكندا
وأضاف أيضاً أنه يجب أن تكون هناك استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع هذه المستجدات تتضمن استخدام أوراق الضغط الاقتصادية والسياسية والتنسيق مع دول الجنوب العالمي التي أظهرت تضامناً متزايداً مع القضية الفلسطينية
وحول الضغط على المجتمع الدولي أكد مهران أن البيان الثلاثي وبيان وزراء خارجية الـ22 دولة يشكلان بداية للضغط الدولي لكن المطلوب هو تعزيز هذا الضغط عبر تبني موقف دولي موحد يستند إلى القانون الدولي ويطالب بوقف فوري وشامل للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وفتح جميع المعابر الحدودية لإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية وبإشراف دوليهذا بالإضافة إلي السماح للفرق الطبية الدولية بالدخول إلى غزة لتقديم الرعاية الصحية للمصابين والمرضى مع إنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في غزة والبدء بخطوات عملية للتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بناءً على قرارات الشرعية الدوليةوفي ختام التصريحات شدد الدكتور مهران على أن الخطر الأكبر يكمن في تحول هذه البيانات إلى مجرد مواقف إعلامية لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد ضد سياسات إسرائيل دون أن تترجم تلك الكلمات الى إجراءات عملية وفورية تنهي معاناة الشعب الفلسطيني وتضع حداً للانتقادات المتواصلة للقانون الدولي مؤكداً بأن المرحلة القادمة ستكون حاسمة لتحديد مدى جدية المجتمع الدولي تجاه الضغط علي اسرائيل وأن استمرار سياسة الكيل بمكيالين ستقوض مصداقية النظام الدولي وتعزز حالة عدم الثقة بفعالية القانون ومؤسساته- بريطانيا تعلق اتفاقية التجارة مع إسرائيل في خطوة تعكس إدانة جديدة لجرائمها
- الجيش الإسرائيلي ينفذ عملية اغتيال لقائد منظومة الصواريخ التابعة لحماس في شمال غزة
- حزب الجبهة الوطنية يعلن عن تشكيل أمانة الإعلام المركزية برئاسة محمود مسلم
- حزب الجبهة الوطنية يعلن عن تأسيس أمانة للذكاء الاصطناعي
- عضو من حزب الجبهة الوطنية يشارك في منتدى دولي بالصين حول ريادة الأعمال