
هذا قدر مصر أن تتحمل المسؤولية وتلعب دورًا محوريًا ومؤثرا في جهود وقف النزاعات والصراعات في المنطقة والسعي لتعزيز الاستقرار وإقرار السلام، وفي هذا الصدد جاءت الكلمة التاريخية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد منذ أيام قليلة لتؤكد أن مصر تعبر عن ضمير الوطن العربي بأكمله وتعبر عن وجدان الأمة العربية، فحديث الرئيس السيسي في القمة عبر عما يجيش في صدورنا جميعا الشعب المصري وكل شعوب الدول العربية، عبر عن همومنا وانشغالنا بالقضية الفلسطينية ودفاعنا عنها والتنديد بالجرائم الوحشية والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.
إن كلمة الرئيس السيسي كانت جامعة وشاملة وتناولت رسائل حاسمة بشأن ما تشهده المنطقة العربية من تحديات جسيمة خاصة ما يتعلق بالحرب الجارية في غزة والأوضاع في سوريا والسودان وليبيا والصومال، فكلمة الرئيس وإن كانت تعبر عن رؤية مصر بشأن مختلف القضايا إلا أنها أيضًا عبرت عن ضمير ووجدان الوطن العربي كله.
إننا في ظل هذه الظروف الدقيقة وبالغة التعقيد وجب علينا جميعًا أن نقف على قلب رجل واحد ونرسي قواعد العمل العربي المشترك لتكن هناك مواقف عربية قوية وموحدة تجاه قضايا الوطن العربي لا سيما القضية الفلسطينية والتصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي؛ وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي في كلمته بتأكيده أن القمة العربية تنعقد في ظرف تاريخي حيث تواجه منطقتنا تحديات معقدة وظروف غير مسبوقة تتطلب منا جميعا – قادة وشعوبا – وقفة موحدة وإرادة لا تلين وأن نكون على قلب رجل واحد قولا وفعلا حفاظا على أمن أوطاننا وصونا لحقوق ومقدرات شعوبنا الأبية.
الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أنه لا يخفى على أحد أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة من أشد مراحلها خطورة وأكثرها دقة، إذ يتعرض الشعب الفلسطيني لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية على مدار أكثر من عام ونصف تهدف إلى طمسه وإبادته وإنهاء وجوده في قطاع غزة حيث تعرض القطاع لعملية تدمير واسعة لجعله غير قابل للحياة في محاولة لدفع أهله إلى التهجير ومغادرته قسرا تحت أهوال الحرب، فلم تبق آلة الحرب الإسرائيلية حجرا على حجر ولم ترحم طفلا أو شيخا.. واتخذت من التجويع والحرمان من الخدمات الصحية سلاحا ومن التدمير نهجا مما أدى إلى نزوح قرابة مليوني فلسطيني داخل القطاع، في تحد صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية، وفى الضفة الغربية لا تزال آلة الاحتلال تمارس ذات السياسة القمعية من قتل وتدمير.. ورغم ذلك يبقى الشعب الفلسطيني صامدا عصيا على الانكسار متمسكا بحقه المشروع في أرضه ووطنه.
إن كلمة الرئيس السيسي كانت قوية ومؤثرة ووصلت إلى قلب كل مواطن عربي فهي توصيف دقيق لوضع وحال الأمة العربية والتحديات الجسيمة وفضحت انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي والعار الذي يلاحق المجتمع الدولي بسبب صمته المخزي إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون من جرائم حرب وإبادة كما أن كلمة الرئيس وجهت رسالة لكل الدول العربية بأن المرحلة بالغة الصعوبة وتتطلب تكاتف وتلاحم الدول العربية وتوحيد الموقف العربي.
أيضا عبرت كلمة الرئيس السيسي عن موقف مصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية فأكد أنه منذ أكتوبر 2023 كثفت مصر جهودها السياسية لوقف نزيف الدم الفلسطيني وبذلت مساعي مضنية للوصول إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية مطالبة المجتمع الدولي وعلى رأسه
الولايات المتحدة باتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية، وتطرق إلى ما تقوم به إسرائيل من تقويض السلام في المنطقة واختراق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فى محاولة لإجهاض أي مساع نحو الاستقرار وعلى الرغم من ذلك تواصل مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة بذل الجهود المكثفة لوقف إطلاق النار فضلًا عن عقد قمة القاهرة العربية غير العادية فى مارس 2025 التي أكدت الموقف العربي الثابت برفض تهجير الشعب الفلسطيني وتبنت خطة إعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير أهله وهي الخطة التي لقيت تأييدا واسعا عربيا وإسلاميا ودوليا علاوة على أن مصر تعتزم تنظيم مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة فور توقف العدوان.
وكانت الكلمة الأكثر حسما وتأثيرا فى حديث الرئيس السيسى هى تأكيده على أن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها “القدس الشرقية” هو السبيل الأوحد للخروج من دوامة العنف التى ما زالت تعصف بالمنطقة مهددة استقرار شعوبها كافة بلا استثناء وأنه حتى لو نجحت إسرائيل فى إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية فإن السلام الدائم والعادل والشامل فى الشرق الأوسط سيظل بعيد المنال ما لم تقم الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية هذه الكلمات عبرت عن ضمير الوطن العربى والشعور العربى ولاقت ترحيبا وتأييدا واسعا من الجميع فلا سلام بدون تسوية سياسية شاملة ونهائية للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة إنها كلمة وقعها وتأثيرها أكبر وأصعب من الرصاص لمن يعى ويدرك.
كلمة الرئيس السيسى وضعت العالم كله أمام مسؤوليته الإنسانية والأخلاقية تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون من تدمير وتخريب وجرائم حرب وضرورة التدخل لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية فضلا عن تناول قضايا الوطن العربى الأخرى والتأكيد على أن أمتنا العربية تواجه تحديات مصيرية تستوجب علينا أن نقف صفا واحدا لمواجهتها بحزم وإرادة لا تلين, فيمر السودان الشقيق بمنعطف خطير يهدد وحدته واستقراره مما يستوجب العمل العاجل لضمان وقف إطلاق النار وتأمين وصول المساعدات الإنسانية والحفاظ على وحدة الأراضى السودانية ومؤسساتها الوطنية ورفض أى مساع تهدف إلى تشكيل حكومات موازية للسلطة الشرعية.
الرئيس السيسى عبر عن هموم المواطن العربى فبالنسبة لسوريا دعا إلى المحافظة على الدولة السورية ووحدتها ومكافحة الإرهاب وتجنب عودته أو تصديره مع انسحاب الاحتلال الإسرائيلى من الجولان وجميع الأراضى السورية المحتلة.. وفى لبنان يبقى السبيل الأوحد لضمان الاستقرار الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية وقرار مجلس الأمن رقم “1701” وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبنانى واحترام سيادة لبنان على أراضيه وتمكين الجيش اللبنانى من الاضطلاع بمسئولياته.
أما ليبيا فأكد الرئيس السيسى أن مصر مستمرة فى جهودها الحثيثة للتوصل إلى مصالحة سياسية شاملة وفق المرجعيات المتفق عليها.. من خلال مسار سياسى ليبى يفضى إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة تمكن الشعب الليبى من اختيار قيادته وتضمن أن تظل ليبيا لأهلها مع خروج كافة القوات والميليشيات الأجنبية منها هذا فضلًا عن الدعوة لضرورة استعادة الاستقرار فى اليمن عبر تسوية شاملة تنهى الأزمة الإنسانية التى طالته لسنوات وتحفظ وحدة اليمن ومؤسساته الشرعية كما لم ينس دعم الصومال الشقيق والرفض القاطع لأى محاولات للنيل من سيادته.
إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة العربية ببغداد بمثابة خطة ورؤية شاملة تقدم مفتاحًا للحلول الحازمة لقضايا المنطقة وتسوية النزاعات والصراعات وعودة الاستقرار والأمن والأمان بل هى وثيقة تاريخية لتعزيز الاستقرار والسلام فى المنطقة والحفاظ على الأمن القومي العربي خاصة فى ظل هذا الظرف التاريخي حيث تواجه المنطقة تحديات معقدة وظروف غير مسبوقة تتطلب وقفة موحدة وإرادة صلبة لا تلين – قادة وشعوبا – حفاظا على أمن أوطاننا وصونا لحقوق ومقدرات شعوبنا الأبية؛ لذلك أتمنى استجابة قوية من العالم العربى والإسلامي والمجتمع الدولي لرسائل الرئيس السيسى حتى نضع حدا لهذه الأزمات والظروف البالغة التعقيد.
على المجتمع الدولي أن يضطلع بمسؤولياته وضرورة تكثيف الجهود والمساعي الدولية التي تقر السلام فى الأراضى الفلسطينية وتضمن تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثات لإنقاذ الأهالي في غزة والتصدي لجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين ويجب على الجميع رفض السياسة الصهيونية بالتوسع بحجة تحقيق الأمن سواءً كان ذلك بالنسبة لفلسطين أو سوريا أو لبنان والتي ستدخل المنطقة فى حلقة مفتوحة من المواجهة ويجب الوقف الفورى للحرب فى غزة ووقف جميع الأعمال العدائية التي تزيد معاناة المدنيين الأبرياء يجب العمل علي تسوية سلمية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.
إنه يجب بذل كل الجهود الممكنة للوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية باعتبار ذلك السبيل الوحيد لاستعادة الأمن الإقليمى ورفض تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين وضرورة تجنب توسع الصراع الإقليمى وأهمية استعادة الاستقرار بالدول العربية واحترام سيادتها وحماية حدودها وصون أراضيها.
- بريطانيا تعلق اتفاقية التجارة مع إسرائيل في خطوة تعكس إدانة جديدة لجرائمها
- 87 شهيدًا و290 مصابًا نتيجة الغارات الإسرائيلية على غزة خلال 24 ساعة
- الجيش الإسرائيلي ينفذ عملية اغتيال لقائد منظومة الصواريخ التابعة لحماس في شمال غزة
- مقتل صهر مدير المستوطنات في وزارة الدفاع الإسرائيلية خلال معارك غزة
- حزب الجيل يؤكد استمرار مصر في دعم القضية الفلسطينية من خلال جهودها الثابتة والدؤوبة