
وصف المؤرخون والرحالة طريق أو درب الحج المصري بأنه واحد من أهم طرق الحج والتجارة السبعة التي ربطت العالم الإسلامي بالجزيرة العربية على مر التاريخ، وهي: طريق الحج الكوفي، وطريق الحج البصري، وطريق الحج الشامي، وطريق الحج المصري، وطريق الحج اليمني الساحلي، وطريق الحج اليمني الداخلي، وطريق الحج العماني، ليُعد هذا الطريق شاهدًا على التاريخ حيث استخدمه إضافة إلى حجاج مصر حجاج المغرب العربي والأندلس وحجاج غرب أفريقيا منذ بداية العصر الإسلامي
وأشارت وكالة أنباء السعودية (واس) في تقرير لها اليوم الأربعاء إلى أن رحلة الحجيج عبر الطريق المصري لا تقتصر بمسالكه المختلفة عبر العصور كونها قيمة دينية وروحية فقط بل شكلت أيضًا إرثًا حضاريًا وثقافيًا وأثريًا جعلها تطرق أبواب اليونسكو لتسجيلها ضمن التراث العالمي.
وقسّم المؤرخون المراحل التي مر بها درب الحج المصري قديمًا إلى أربع مراحل زمنية، الأولى تمتد من الفتح الإسلامي لمصر حتى منتصف القرن الخامس الهجري وكان للطريق وقتها مساران إلى الجزيرة العربية أحدهما بري والآخر ساحلي أما المرحلة الثانية فهي مرحلة طريق عيذاب وتمتد من عام 443 إلى 666هـ وخلال هذه الفترة توقف استخدام الطريق البري في شمال سيناء وكان حجاج مصر يركبون السفن النيلية إلى مدينة قوص بمحافظة قنا بصعيد مصر ثم يسافرون بالقوافل إلى ميناء عيذاب ثم يعبرون البحر إلى جدة.
وفي المرحلة الثالثة والتي تمتد من 667هـ إلى 1301هـ عادت قوافل الحجيج إلى استخدام الطريق البري الساحلي لافتةً إلى أنه خلال المرحلة الرابعة التي تمتد من 1301هـ وحتى التاريخ المعاصر توقف الحجيج عن استخدام الطريق البري وأصبحوا يستخدمون الطريق البحري من السويس.
من جانبه أوضح المؤرخ وخبير الآثار والتراث والحضارة عميد كلية الآثار ومساعد رئيس جامعة القاهرة السابق الدكتور محمد حمزة الحداد في تصريح لـ (واس) أن طريق الحج المصري القديم مُقسم إلى ثلاث مراحل مكانية: الأولى تبدأ من منطقة “بركة الحاج” ولا تزال موجودة حتى الآن باسم قرية “البركة”
وتتبع حي المرج بمحافظة القاهرة ثم منطقة “البويب” يليها منطقة تسمى “عجرود” والمسافة بينهما طولها 150 كيلومترًا والثانية من “عجرود” إلى مدينة “نخل” بوسط سيناء بطول مماثل للأولى 150 كيلو مترًا والثالثة من “نخل” إلى “أيلة”؛ العقبة حاليًا على خليج العقبة وطولها 200 كيلومتر وكانت قوافل الحجيج تقطع كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث في نحو ثلاثة أيام.
وأشار إلى أن قافلة الحجاج كانت تحظى بمرافقة قوات مكلفة بتأمين ركب الحجاج بخلاف فرسان من القبائل العربية المُكلفة بحراسة قافلة الحج حيث يسير الركب ثلاثة أيام من عجرود إلى “عراقيب البغلة”، تلك المنطقة التي تحوي علامة مهمة تحدد معالم هذا الطريق وهي نقش السلطان الغوري الذي يحوي نصوصًا قرآنية ونقشًا خاصًا بتعميره لهذا الطريق وهذا النقش موجود حتى الآن ومنها إلى عقبة أيلة حيث تستغرق الرحلة من بركة الحاج حتى عقبة أيلة تسعة أيام يتجه بعدها الحجاج بمحاذاة البحر الأحمر جنوبًا إلى حقل مدين ينبع بدر رابغ بطن مر ومنها إلى مكة المكرمة.
بدوره قال خبير الآثار عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة المصري الدكتور عبدالرحيم ريحان إن أول مسار استخدمه حجاج مصر والمغرب العربي هو طريق “قوص – عيذاب” بصعيد مصر وذلك خلال الفترة من عام 450 إلى 665هـ الموافق 1058-1266 حيث كان يخرج الحجاج من القاهرة قبل شهر رمضان ثم يتجهون جنوب مصر لمسافة 640 كيلو مترًا إلى مدينة قوص ثم يقطعون مسافة طولها 160 كيلومترًا إلى ميناء “عيذاب” على ساحل البحر الأحمر المناظر لميناء جدة ويظلون شهرين في انتظار المراكب التي تحملهم عبر البحر الأحمر إلى ميناء جدة ثم الى مكة.
من جهته أشار الباحث المتخصص في طرق الحج الدكتور سامي البياضي إلى أن طريق الحج المصري أدرج على القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو عام 2015 بتعاون مشترك بين المملكة ومصر موضحا أن الرافد الأول لطريق الحج المصري من بلاد المغرب العربي كان يبدأ من المدن الكبرى في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى حيث تتجمع القوافل لدول المغرب العربي عند “بركة الحاج” شمال شرق القاهرة حيث ينزل الحجاج فيها قبل انطلاق القافلة برفقة المحمل وقافلة الحج.
ولفت الى أن لهذا الطريق مسارين أحدهما بحري يبدأ من موانئ سواحل الأندلس وشمال أفريقيا حتى الوصول الى سواحل مصر خاصة ميناء الإسكندرية ومن بعدها قناة السويس والآخر بري له مساران ساحلي وصحراوي داخلي عبر الواحات ولهما روافد وفروع تسير فيها عدة ركاب رسمية كـ”ركب الحاج الصالحي”، والشنقيطي، والطرابلسي والفاسي والسجلماسي والمراكشي والولاتي والبحري والجزائري والتونسي.
وتأكيداً على أهمية طريق الحج المصري التاريخي عبر سيناء لحجاج أفريقيا وبلاد المغرب أوضح المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي في كتابه “الخطط” أن قوافل حجاج بلاد المغرب الإسلامي كانت تبدأ بالانطلاق من مدن المغرب كمراكش وفاس وسلا وأحياناً كانت تضم حجاج السنغال وبعد تجمع الحجاج تنطلق قافلتهم سالكة إما الطريق البري المحاذي للبحر المتوسط أو الطريق البحري عبر البحر المتوسط واعتادت هذه القافلة أن تكون على موعد مع غيرها من قوافل الحج للحجاج الجزائريين والتونسيين والليبيين؛ وذلك لمرور طريق الحج بمدن المهدية وصفاقس وسوسة وطرابلس وبرقة وطبرق.
وأضاف أن هذه القوافل مجتمعة تعبر الأراضي المصرية بمحاذاة الساحل حتى تصل الى ميناء الإسكندرية ثم رشيد وبعدها تركب قوافلالحجاج المراكب النيلية عبر فرع رشيد الى ان تصل جميعها الى القاهرة وتلتقي مع قافلةالحج المصرية حتى تأنس بها ذهاباً وإياباً عند مكان شمالي القاهرة كان يُعرف آنذاك بـ “بركةالحاج”، وموقعه حالياً القرية المعروفة باسم “البركة”، ثم تُواصل جميع القوافل مسيرتها برًاحتى تصل الى ميناء القلزم (السويس حالياً) ومنها إما مواصلة الطريق البري عبر سيناءثم محاذاة البحر الأحمر برًا الى مدينة جدة او تبحر القوافلم في السفن عبر البحر الأحمرالى ميناء جدة ومنها برّا الى المدينة ثم مكة المكرمة.
- أخبار مصر المالية تعلن عن بدء تطبيق الزيادات الجديدة في الأجور اعتبارًا من الشهر المقبل
- الإجازات الرسمية المتبقية في مصر حتى نهاية عام 2025
- وزير الخارجية يتباحث مع نظيره القبرصي حول جهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة
- زيزو يصل ميامي اليوم للانضمام إلى تدريبات الأهلي للمرة الأولى
- الشهر العقاري يعلن عن استمرار خدماته للمواطنين خلال العيد دون إجازة