
أكد الدكتور محمد عثمان الخشت، أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة السابق، وعضو المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، في حوار تليفزيوني مع الإعلامي عماد الدين أديب على قناة “سكاي نيوز عربية”، أن التطرف ليس مجرد سلوك عنيف بل هو نتاج بنية عقلية مغلقة ترى العالم من منظور أحادي يقوم على امتلاك الحقيقة المطلقة، وهو ما يقود إلى تبرير العنف وتكفير الآخر.
وأوضح الخشت أن الشخص المتطرف يتبنى مفاهيم دخيلة لا تستند إلى الدين الحقيقي مثل “الجاهلية المعاصرة” و”الحاكمية” و”الولاء والبراء”، وهي أفكار تمثل جوهر عقلية ثنائية ترى العالم بالأبيض والأسود، وتؤمن بوجود فرقة ناجية مقابل فرق هالكة، مشيراً إلى أن هذه الرؤية تكرّس الانقسام والصراع بدلاً من التنوع والتعايش.
كما أوضح أن هذه المفاهيم تُرسّخ بنية عقلية مغلقة تشترك فيها جماعات مختلفة، رغم ما قد يبدو من تناقض بينها، حيث يظل النموذج العقلي واحدًا حتى وإن كفّر بعضهم بعضًا، وأكد الخشت أن البيئة التي تنتج هذا النوع من التفكير لا تتوقف عند الأفراد الذين مارسوا العنف فقط بل تشمل الحواضن الأولى التي تزرع فيهم تلك المفاهيم وتمنحهم تفسيرًا أحاديًا للواقع عبر منظومات عقائدية وفقهية غير صحيحة سواء تم اكتسابها من تنظيمات أو مؤسسات لا تزال تكرّس العقل المغلق، مؤكداً أن المشكلة الحقيقية ليست في من يمارسون العنف فقط بل في الحواضن الفكرية الأولى التي تنتج هذا النمط من التفكير.
وتحدث الخشت عن إمكانية تحول المتطرف إلى شخص مدني متسامح عبر عدة مسارات منها أولاً: أن يتعرض لتجربة تتيح له مراجعة الذات مثل الاحتكاك ببيئة فكرية مفتوحة وفتح نوافذ العقل على رؤى وأفكار مختلفة وثانياً: الوعي بالتناقضات الداخلية عندما يكتشف الشخص أن الجماعة التي ينتمي إليها لا تمثل ما كانت تدّعيه بل قد تمارس ما يناقض الدين نفسه وثالثاً: النضج الذاتي وتراكم الخبرة حيث يبدأ بعض الأفراد في إعادة تقييم أفكارهم مع التقدم في السن ورابعاً: عند المرور بتجارب عميقة كالسجن
وأوضح أن بعض تجارب السجن قد تسهم في إحداث هذا التحول إذا كانت بيئة إصلاحية تمنح الفرصة للتأمل مستشهدًا بنماذج حقيقية مثل الدكتور ناجح إبراهيم الذي خاض تجربة مراجعة فكرية عميقة وتحول إلى داعية للتسامح ونقد التطرف والعنف.
وأكد الخشت أنه وفقاً لعلم النفس المعرفي يعاني المتطرف من تشوهات إدراكية يمكن علاجها عبر أدوات معرفية ونفسية مشيراً إلى ضرورة أن يشارك في هذا الجهد أساتذة الفلسفة وعلم النفس والاجتماع وليس رجال الدين وحدهم.
وحدد الخشت 11 شرطًا يجب تحقيقها لضمان عملية تحول القادة المتطرفين إلى قادة مدنيين منها تقديم براهين من الواقع الفعلي على أنه تم تفكيك البنية الفكرية المغلقة في عقولهم بشكل حقيقي والانتقال من خطاب الإقصاء إلى خطاب دولة المواطنة والتنوع والتعددية والالتزام بعدم إيواء عناصر إرهابية والمشاركة الجادة في مكافحة الإرهاب باعتبارها قضية وجودية تشغل دول الإقليم وتفكيك التنظيمات المسلحة والاعتراف بأن الدولة وحدها تحتكر السلاح بموجب القانون بالإضافة إلى قبول حقيقي بتداول السلطة ورفض مبدأ “المرحلية” و”التمكين” وحماية حقوق الأقليات وأنهم يملكون مواطنة متساوية مع الجميع وتقوية استقلال مؤسسات الدولة بما يضمن بقاء الدولة لا الشخص والعدالة الانتقالية إذ لابد من آليات تُنصف الضحايا وتحقق المصالحة المجتمعية.
واختتم الخشت حديثه بالتأكيد على أن التحول الفكري ليس مجرد إعلان نوايا أو شعارات شعبوية بل يجب أن يُترجم إلى سلوك عملي وسياسات واضحة على الأرض لضمان أن هذا التحول ليس مجرد مناورة مرحلية بل تحوّل حقيقي نحو عقل مدني إنساني مفتوح مع التأكيد على عدم منح الثقة دفعة واحدة بل تُكتسب تدريجياً تحت المتابعة.
- جامعة القاهرة تعلن استقبال 7007 حالة وإجراء 320 عملية طوارئ خلال يومي الوقفة وأول أيام العيد
- رئيس جامعة القاهرة يقدم التهاني للرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
- جامعة القاهرة تعلن رفع حالة الطوارئ في مستشفياتها خلال عيد الأضحى
- بعد صدور قرار جمهوري بتعيينها أول تكليف لعميدة علوم القاهرة
- صور توضح الاستعدادات المبكرة في جامعة القاهرة لاستقبال تنسيق الجامعات والمعاهد