
في موقف مؤثر يجسد قوة التضامن العربي والرحمة الإنسانية، تمكنت حملة شعبية واسعة من جمع مبلغ الدية المطلوب لإنقاذ الشابة اليمنية شروق أحمد علي من تنفيذ حكم القصاص في السعودية، قبل أيام قليلة من الموعد المقرر لتنفيذه.
مأساة شروق من الاعتداء إلى السجن
تبدأ قصة شروق، الفتاة اليمنية البالغة من العمر 23 عامًا، بحادثة مأساوية وقعت قبل أربع سنوات، تعرضت شروق لهجوم جسدي عنيف، حاول فيه أحد الأشخاص الاعتداء عليها، فما كان منها إلا أن دافعت عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة، انتهى الحادث بوفاة المعتدي، لتحاكم شروق بتهمة القتل وتُدان بالحكم الشرعي الذي ينص على القصاص أو دفع دية قدرها 3 ملايين ريال سعودي.
رغم وضوح معالم الدفاع عن النفس في القضية، ظلت شروق حبيسة قضبان السجن بانتظار تنفيذ الحكم في 25 يونيو 2025، بينما العد التنازلي يقترب.
“ماشي تبغى أعيش” صرخة أشعلت القلوب
في تسجيل مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت شروق باكية تناشد اليمنيين: “ماشي تبغى أعيش، ما معي بعد الله إلا أنتم”، كانت هذه الكلمات كافية لإشعال نداء شعبي تجاوز حدود الجغرافيا، لتتحول إلى قضية رأي عام اجتمع فيها الشيوخ والمغتربون والوجهاء ورجال الأعمال.
خلال ساعات فقط، تدفقت التبرعات من كل حدب وصوب، حتى أعلن الشيخ أبو أنس الصافي – قائد الحملة – عن اكتمال المبلغ، قائلاً: “لقد رفعنا السيف عن رقبة شروق”.
لحظات فرح ودموع النجاة
مشاهد الفرح لم تتأخر، إذ انتشرت مقاطع مصوّرة لعائلات يمنية تبكي وتكبّر فرحًا بنجاة شروق، مع رسائل شكر لكل من أسهم ولو بالقليل، وتعالت الهتافات: “يافع لا تترك بناتها.. ودم شروق ما يضيع”.
الصحفي المعروف عادل اليافعي وصف الحدث بقوله: “ما حدث هو تجسيد حي للفزعة العربية.. اليمنيون أثبتوا أنهم لا يخذلون بناتهم”.
الجانب القانوني جدل مستمر
في موازاة الفرح، أثيرت تساؤلات حول عدالة الحكم الذي واجهته شروق، لا سيما أنها كانت في موقف دفاع عن النفس، ناشطون ومحامون طالبوا بإعادة النظر في القوانين التي تساوي بين المعتدي والضحية، متسائلين: هل كانت ستُعامل شروق بالطريقة ذاتها لو كانت رجلاً؟
شروق رمز لصحوة الضمير العربي
قضية شروق لم تكن مجرد مأساة فردية، بل تحوّلت إلى رمز لصحوة الضمير الإنساني، ودرس عن قدرة المجتمعات على إنقاذ الأرواح حين تلتف حول المبدأ، لقد أثبتت أن الرحمة والنخوة لا تزالا تعيشان في أوصال المجتمعات العربية، وأن صوت الفتاة الوحيدة يمكن أن يوقظ أمة بأكملها.