
في لحظة كان يمكن أن تُطفأ فيها الكاميرات ويسود الصمت، قررت مذيعة إيرانية أن تُبقي الصوت حيًا، لم تكن سحر إمامي نجمة استوديو عادية، بل كانت عنوانًا لقوة المرأة الإعلامية في مواجهة الخطر، حين قررت ألا تترك الميكروفون رغم دوي الانفجارات حولها. الحدث وقع في طهران، لكن صداه وصل إلى العالم كله.
بدايات هادئة لطريق غير متوقع
لم تولد سحر إمامي في بيئة إعلامية، ولم تخطط لاعتلاء منبر الأخبار، فقد بدأت دراستها في مجال الهندسة الزراعية، بتخصص دقيق في علوم الأغذية. لكن شغفها بكسر النمط المعتاد دفعها إلى خوض تجربة اختبار الأداء في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية عام 2008، دون سابق تجربة.
تم قبولها، ومن أول ظهور، بدت إمامي وكأنها خُلقت للكاميرا. صوتها المتزن، وهدوؤها في التقديم، جعلاها خيارًا مثاليًا للبرامج الصباحية، قبل أن تنتقل لاحقًا إلى نشرات الأخبار التي تتطلب احترافية وقدرة عالية على إدارة الأزمات.
يوم تحوّلت فيه مذيعة إلى رمز
في 16 يونيو 2025، وبينما كانت سحر تقدم نشرة حية على قناة “خبر”، استهدف قصف إسرائيلي مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون في طهران، الاهتزازات هزت المعدات، والغبار غطّى الاستوديو، لكن سحر لم تترك مكانها. وجّهت كلماتها للمشاهدين بقوة نادرة، ثم أنهت رسالتها بجملة لم تُنسَ: “الحق لا يُقصف، والصوت لا يُسكت”.
لاحقًا، عادت للبث من موقع بديل، لتكمل النشرة وكأن شيئًا لم يحدث، كان ذلك كافيًا لتحوّلها من مذيعة محترفة إلى رمز وطني، يحتفى به على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ويُشاد به من قبل زملائها والشارع الإيراني.
عناوين أطلقتها الجماهير على سحر إمامي
“المرأة الحديدية”، “صوت الحقيقة”، و”الزينبية الجديدة” ألقاب أطلقتها الجماهير على سحر بعد الموقف البطولي، وحتى لاعب الرماية الإيراني جواد فروغي قرر أن يهدي ميداليته الذهبية في أولمبياد طوكيو لها، تكريمًا لصمودها في وجه القصف.
ذهبٌ لا يُمنح إلا للعظماء
في لحظة حملت من الرمزية ما يفوق الكلمات، فاجأ بطل الرماية الإيراني جواد فروغي الجميع حين أعلن عن قراره التنازل عن ميداليته الذهبية التي حصل عليها في أوليمبياد طوكيو، وإهدائها إلى سحر إمامي، تلك المذيعة التي وقفت وسط العاصفة، ورفضت أن يصمت صوتها حتى تحت نيران القصف.