
كانت الدائرة الأولى جنايات دمنهور قد أودعت حيثيات حكمها في القضية 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور ضد المتهم “ص” بتهمة هتك العرض، والمعروفة إعلاميًا بواقعة الطفل ياسين، على النحو المبين بالتحقيقات.
وفيما يتعلق بأركان جناية هتك العرض بالقوة، فإن الركن المادي لهذه الجريمة يتضمن الفعل المخل بالحياء وهو سلوك الجاني، بالإضافة إلى عنصرَي القوة أو التهديد، فحق المعتدى عليه بهتك العرض وفقًا للمادة 268 من قانون العقوبات هو الحرية الجنسية للمجنى عليه سواء كان رجلًا أو امرأة أو طفلًا أو طفلة، ويتميز الفعل الذي يقوم به هتك العرض بمساسه بجسم المجني عليه، إذ يمثل الإخلال العمدي بالحياء بفعل يقع على جسم المجنى عليه ويمس عورته ويخدش عاطفة الحياء لديه من هذه الناحية، حيث إن الفكرة الأساسية تكمن في أنه يمس حصانة الجسم ويحمي المناعة الأدبية.
هذه الحماية تضمن للرجال والنساء صون عرضهم من أي ملامسة مخلة بالحياء، ولا يشترط لتحقق ذلك الكشف عن العورة كما لا يلزم أن يترك أثرًا على جسم المجنى عليه، فتقع الجريمة حتى لو كان كل من الجاني والمجني عليه يرتديان ملابسهما بالكامل، فهي تحدث بمجرد ملامسة الجاني لمواضع العفة أو العورة بجسم المجنى عليه، ويكفي لتوفر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع قد بلغ حدًّا من الفحش والإخلال بالحياء العرضي يسوغ اعتباره هتكا للعرض.
وبالتالي فإن كل مساس بجزء من جسم الإنسان ضمن ما يعبر عنه بالعورات يعد من قبيل هتك العرض. أما عن عنصرَي القوة أو التهديد في الركن المادي لهذه الجريمة فإن لفظ القوة يشير إلى الإكراه المادي بينما لفظ التهديد يعني الإكراه المعنوي. يتمثل الإكراه المعنوي في الضغط الذي يمارسه الجاني على نفسية وشعور المجنى عليه بحيث يفسد حريته في الاختيار فلا يستطيع ممارسة إرادته بشكل طبيعي مما يسلب إرادته دون إلغائها كليًا – كما يحدث في حالة الإكراه المادي كالتهديد بأمر يخشى منه المجني عليه أو بإلحاق ضرر جسيم به. الخضوع أو الإذعان أو السكوت المنسوب للمجني عليه هنا يمثل إكراها معنويًا لا يتوافر معه الرضا الصحيح.
وحيث إن المحكمة اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي قدمتها النيابة وإلى تساند الأدلة القولية والفنية التي ارتاحت إليها، فقد قررت مؤاخذة المتهم بناءً على تلك الأدلة وثقت بها المحكمة حيث تعرف الطفل المجني عليه على المتهم خلال العرض القانوني وأكدت صدق رواية الشهود ومما ثبت بتقرير الطب الشرعي وشهادة الطبيب الشرعي. وقد تعرضت المحكمة لإنكار المتهم للاتهام ولم تعول عليه باعتباره وسيلة ضعيفة للخلاص من التهمة المسندة إليه.
فقد ثبت للمحكمة يقيناً أن المتهم ارتكب جريمته وأن ما اطمأنت إليه المحكمة بشأن أدلة الثبوت المقدمة في الدعوى يؤكد أن جناية هتك العرض بالقوة تشمل الفعل المخل بالحياء وسلوك الجاني إضافةً إلى عنصرَي القوة والتهديد وظروف كل دعوى وما يمكن استنتاجه منها دون رقيب سوى الضمير وحده.
وأوضحت حيثيات الحكم أن المتهم ارتكب الجريمة التي قُدمت بها الدعوى وجب بالتالي توقيع العقاب عليه. ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن تكون كل دليل منها مستقلاً بل تتساند الأدلة الجنائية بعضها مع بعض لتكوين عقيدة القاضي. لذا لا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته منفردًا دون باقي الأدلة كوحدة تؤدي إلى ما قصده الحكم وتحقق اقتناع المحكمة بما انتهت إليه وهي ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة فقط بل استقرت قناعتها بطريق الاستنتاج وكافة الممكنات العقلية.
وبعد الاطلاع على المواد القانونية المتعلقة بالقضية حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة المتهم “ص” بالسجن المؤبد عما أسند إليه وألزمت بالمصاريف الجنائية وفي الدعوى المدنية المقامة من الولي الطبيعي للطفل المجني عليه أحالتها إلى المحكمة المختصة مع إبقاء الفصل فيها.
- 82% من القراء يدعمون تشديد العقوبات على المتورطين في إدارة الكيانات التعليمية الوهمية
- تجربة مصر في دعم واستضافة اللاجئين تعد نموذجًا يُحتذى به وفقًا للأمم المتحدة
- ارتفاع عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 70 نتيجة القصف الإسرائيلي اليوم
- تفاصيل مصروفات العام الدراسي القادم لطلاب المدارس الرسمية للغات
- زيادة عدد الشهداء في قطاع غزة إلى 70 نتيجة القصف الإسرائيلي